للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيه اشتد الطلب على الركابية (١) المستخدمين فى الرّكاب بعد أن قتل منهم فى يومين أكثر من خمسين نفسا فتغيّبوا؛ وامتنع أحد من الناس أن يمشى بين يديه غلام أو شاكرى (٢)، فكانت القواد ومن جرى رسمه أن يكونوا بين يديه يسيرون وحدهم، وإذا نزل أحدهم للسّلام أمسك خادمه الدابة؛ ثم عفى عنهم وكتب لهم أمان. وكتب لعدّة من الناس عدّة أمانات.

وفيه منع كلّ أحد ممّن يركب أن يدخل من باب القاهرة راكبا؛ ومنع المكاريّون أن يدخلوا بحميرهم؛ ومنع الناس من الجلوس على باب الزهومة (٣) من التجار وغيرهم؛ ومنع كلّ أحد أن يمشى ملاصق القصر من باب الزّهومة إلى باب الزّمرد. ثم أذن للمكاريين فى الدخول وكتب لهم أمان. وتخوّف الناس، فخرج أهل الأسواق على طبقاتهم، كل طائفة تسأل كتابة أمان، فكتب ما ينيف عن المائة أمان لأهل الأسواق خاصة، قرئت كلّها فى القصر ودفعت لأربابها، وكلّها على نسخة واحدة. وهى بعد البسملة:

«هذا كتاب من عبد الله ووليّه المنصور أبى علىّ الإمام الحاكم بأمر الله أمير المؤمنين، لأهل مشهد عبد الله إنكم من الآمنين بأمان الله الملك الحقّ المبين، وأمان سيّدنا محمد خاتم النبيين، وأبينا علىّ خير الوصيّين، وذرية النبوّة المهديين آبائنا، صلى الله على الرسول ووصيّه وعليهم أجمعين. وأمان أمير المؤمنين على النّفس والأهل والدم والمال. لا خوف عليكم، ولا تهديد بسوء إليكم، إلاّ فى حدّ يقام بواجبه، وحقّ يوجد لمستوجبه. فليوثق


(١) الركابية والركابدارية الذين يحملون الغاشية بين يدى السلطان أو الخليفة فى المواكب، وهم تابعون لبيت الركاب الذى تكون به السرج واللجم ونحوها. والغاشية السرج أو الغطاء المزركش الذى يوضع على ظهر الفرس فوق البرذعة. صبح الأعشى: ٧:٤، ١٢. والركابية أيضا المكارون العاديون فى الأسواق.
(٢) الشاكرى: الساعى أو الرسول الذى يحمل الرسائل.
(٣) من الأبواب الغربية للقصر الكبير، سمى بذلك لأن اللحوم وحوائج الطعام كانت تدخل إلى القصر منه. والزهومة الزفر.