فيها جهزت الأموال لأبي الحارث البساسيري، فخرج بها المؤيد في الله عبد الله بن موسى، وجملتها ألفا ألف وثلثمائة ألف دينار، العين ألف ألف وتسعمائة ألف دينار، والعروض أربعمائة ألف دينار.
وكان من خبره أنه كان من جملة المماليك الأتراك فصار إلى بهاء الدولة بن عضد الدولة بن بويه، رجل من أهل فسا، إحدى مدائن فارس، فلذلك قيل له البساسيري؛ وتنقل في الخدم حتى صار مقدم الأتراك ببغداد في أيام الخليفة القائم بأمر الله أبي جعفر عبد الله بن أحمد القادر، وتلقب بالمظفر. وكان القائم لا يقطع أمراً دونه. فطار اسمه وتهيبته أمراء العرب والعجم، ودعى له على منابر العراق والأهواز، وتجبر. وأراد في سنة ست وأربعين من الخليفة أن يسلم إليه أبا الغنائم وأبا سعد ابني المحلبنا، صاحبي قريش ابن بدران صاحب الموصل، فلم يمكنه من ذلك. فسار إلى الأنبار ونصب عليها المجانيق، وهدم سورها وأخذها قهرا، وأسر أبا الغنائم ابن المحلبان ومائة رجل من بني خفاجة، وكثيراً من أهل الأنبار. ورجع إلى بغداد وأبو الغنائم بين يديه على جمل في رجليه قيد؛ فصلب كثيراً من الأسرى.