للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«بأنّنا لم نزل منذ ناطت بنا الحضرة المطهرة، صلوات الله عليها، الأمور، وعوّلت على كفايتنا فى سياسة الجمهور، وردّت إلينا النظر فيما وراء سرير خلافتها، وفوّضت إلى إيالتنا من مصالح دولتها، وعبيدها ورعيّتها، فى محاسن الأفعال ناظرين، وعلى بسط العدل والإحسان على الكافّة متوفّرين، وبحسن توفيق الله تعالى لنا واثقين، وبمراشده الهادية مسترشدين، فلا ندع وجها من دعوة البرّ إلاّ قصدناه، ولا بابا من أبواب الخير إلاّ ولجناه، ولا نعلم أمرا فيه قربى إلى الله سبحانه إلا وتقع المرتبة إلاّ أتيناه، ولا شيئا يعود بثواب الله وحسن الأحدوثة إلاّ اعتمدناه؛ شيمة خصّنا الله تعالى بميزتها، وسجيّة أسبغ علينا جلاليب أمنها وسعادتها؛ وعملا فى ذلك بشريف آراء الحضرة المطهرة، صلوات الله عليها، وجميل سيرتها، واستمرارا على منهج الدولة الزاهرة، خلّد الله ملكها، وكريم عادتها، وذهابا فى ذلك مع سجيّتها الحسنى، ونشرا لأرج ذكرها فى الأبعد والأدنى. والله تعالى المسئول أن يعيننا على مصالح الدنيا والدّين، ويقضى لنا بالفوز المبين، ويصلح لنا وبنا كلّ فاسد، وينظم لنا عقود السّعود والمحامد بمنّه. ولمّا كان أحسن ما تطرّز به محاسن السّير، وتتناقل ذكره ألسنة البدو والحضر، وتجنى ثمرته فى الدّنيا والآخرة، وتحمد مغبّته فى العاجلة والآجلة، التقرّب إلى الله تعالى فى كلّ أوان، وابتغاء ثوابه فى كلّ زمان، لا سيّما شهر رمضان، الذى تزكو فيه أفعال البرّ والصّلاح، وتتضاعف فيه الحسنات فى الغدوّ والرّواح؛ رأينا ما خرج به أمرنا من كتب هذا المنشور بمسامحة كافّة سكان الرّباع السلطانيّة (١) بالقاهرة ومصر من الأدر والحمامات والحوانيت والمعاصر والأخونة والطواحين والعرس، وجميع ما يجرى فى الرّباع خارجا من ريع الأحباس وريع المواريث المنصرف مستخرج ارتفاعها فيما يجرى هذا المجرى من وجوه البرّ، بأجرة شهر رمضان من كلّ سنة، لاستقبال رمضان سنة سبع عشرة وخمسمائة وما بعدها، إحسانا يسير ذكره كلّ مسير، وتعظيما لحرمة هذا الشهر العظيم الخطير، الذى فضله الله على جميع الشهور، وأنزل فيه قرآنه المجيد، وفرض صيامه على أهل التوحيد؛ وحضّهم فيه على الأفعال المزلفة لديه،


(١) الرباع منها ما أنشئ من مال الديوان السلطانى قديما وهى الرباع السلطانية، ومنها ما قبض عمن يوجبه عليه حق السلطان، ومنها ما قبض عن الأجناد. وقد تخصص أكثرها وقفا على السور والخانقاه والبيمارستان والبيع ونحوها. وسنتها المالية هلالية، اثنا عشر شهرا. قوانين الدواوين؛ ٣٤١.