للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجامع، وثار الغوغاء، وأخرج إلى سلمان قوما فقاتلوه، وأقام بالجامع ومعه شيوخ البلد، وكتب محضرا أشهد فيه على نفسه أنه متى جاء عسكرا من قبل فنّاخسرو (١)، وأغلق البلد وقاتلهم، وكتب بما جرى، وسيّر ذلك إلى العزيز، فبعث إلى سلمان أن يرحل عن دمشق، فرحل بعد ما أقام شهورا.

وقدم أبو محمود من طبرية بعد مسير ابن فلاح فى نفر، وخرج الفضل بن صالح من عند العزيز ليحتال على ابن الجرّاح وعلى قسّام، وأظهر أنه يريد حمص وحلب، ليأخذ تلك البلاد، فنزل على دمشق، وفطن ابن الجرّاح لما يريده، فأخذ حذره، وسار عن الفضل، فرحل فى طلبه، ومعه شبل بن معروف، فكانت بينه وبين ابن الجراح وقعة فى صفر سنة سبعين، فأوقع ببنى سنبس، فقتل شبل بن معروف، طعنه بعض بنى سنبس، فمات.

وبعث ابن الجرّاح إلى العزيز يتلطف به، ويسأله العفو، فأرسل إلى الفضل يأمره بالكفّ عن ابن الجرّاح، وأن لا يعرض له، فوافاه ذلك وهو يجهّز العساكر خلف ابن الجرّاح، فكفّ عن قتاله، وعاد إلى مصر.

ورجع ابن الجرّاح إلى بلاد فلسطين على ما كان، فأهلك العمل حتى كان الإنسان يدخل الرملة لطلب شيء يأكله فلا يجده وهلك الفلاحون وغيرهم من الضرّ، ومات أكثرهم.

هذا ودمشق تمتار من حمص، وكان عليها بكجور من قبل أبى المعالى شريف بن سيف الدولة ابن حمدان، وقد عمّر حمص بعد خرابها من الروم لما دخلوها فى سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة.

واتفق خراب دمشق كما تقدّم، فرحل أهل القوافل من حمص إلى دمشق، ودمشق قد طمع فى عملها العرب حتى كانت مواشيهم تدخل الغوطة، وأبو محمود إبراهيم بن


(١) كذا بالأصل، والجملة ناقصة غير مفهومة والنص عند (ابن القلانسى: ذيل تاريخ دمشق، ص ٢٣) - ولعله المرجع الذى يأخذ عنه المقريزى هنا لتشابه النصين - واضح، ولهذا آثرنا نقله هنا للمقارنة والايضاح: «وثار قسام ومعه الى الجامع؛ ولم يشهد الحرب مع أصحابه، وقد أحضر المشايخ وكتب بما جرى الى مصر؛ وعمل محضرا على نفسه أنه «متى جاء للملك عضد الدولة عسكر أغلق الأبواب وقاتله ليكون لك معونة على ما يريده» فلما وقف عليه العزيز وافق غرضه وأنفذ رسله وكتابه الى سليمان بن فلاح يأمره بالرحيل من دمشق … الخ».