للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكثر حلف الناس برأس أمير المؤمنين، فنودى:

«برئت الذمة من أحد قال هذا، وحلّت به العقوبة، فلا يحلفن إلا بالله وحده».

فانتهى الناس.

وفيها قدم كتّاب ومغنين (١) ابنا زيرى بن مناد إلى القاهرة فارّين من سجن أخيهما الأمير أبى الفتوح يوسف بن زيرى، فأكرمهما العزيز، وخلع عليهما، ووصلهما.

وفيها أخرج العزيز باديس بن زيرى من القاهرة فى خيل كثيرة إلى مكة مع الحاج، فلما وصل إلى مكة أتاه الطرّارون (٢) فقالوا:

«نتقبل هذا الموسم بخمسين ألف درهم».

فقال لهم:

«اجمعوا أصحابكم حتى أعقد هذا على جميعهم».

فلما اجتمعوا أمر بقطع أيديهم، وكانوا نيفا وثلاثين رجلا، فقطعوا أجمعين.

وأما الشام فإن العزيز بعث سلمان بن جعفر بن فلاح فى أربعة آلاف، فنزل الرملة - وبها ابن الجرّاح - فتباعد، وقد استوحش كلّ منهما من صاحبه، فأقام أياما، ورحل إلى دمشق، فوجد قسّاما قد غلب عليها، فنزل بظاهر البلد، وقد ثقل على قسّام، وأراد سلمان يأمر وينهى فى البلد فلم يقدر على ذلك، وطال مقامه فى غير شيء، وقلّ المال عنده، وأراد إقامة الحرمة فأمر قسّاما ألا يحمل أحد السلاح، فأبوا عليه، وبعث إلى الغوطة ينهاهم عن حمل السلاح:

«وأن لا يعارضوا السلطان فى بلده، ومن وجدناه بعد هذا يحمل السلاح ويأخذ الخفارة ضربنا عنقه».

فقال لهم قسّام: «لا نفكر فيه، كونوا على ما أنتم عليه»، وطاف العسكر الغوطة، فوجدوا قوما يحملون السلاح، ويأخذون الخفارة، فقطعوا رءوسهم، فثار قسّام ومن معه إلى


(١) كذا فى الأصل، وليس فى المراجع ما يعين على ضبط الاسم.
(٢) هكذا فى الأصل، ولم أجد لهذا اللفظ معنى فى المعاجم، ولعلها «الطوافون».