الحاكم بالقصر، وقد فرش إيوان القصر وعلّق فيه تعاليق غريبة، يقال إنه أمر بتفتيش خزائن الفرش إلى أن وجد فيها أحدا وعشرين عدلا ذكرت السيّدة رشيدة بنت المعز أنها كانت فى قطار الفرش المحمولة من القيروان إلى مصر مع المعزّ فى جملة أعدال، وأن كتّاب خزائن الفرش وجدوا على بعضها مكتوبا الحادى والثلاثون والثلاثمائة من عمل العبيد، ديباج خزّ ومذهب؛ ففرش منه جميع الإيوان وستر جميع حيطانه بالتعاليق، فكان جميع أرضه وحيطانه رفيعا دليلا على عظمته وسعته. وعلّقت بصدر الإيوان العسجدة، وهى درقة مطعّمة بفاخر الجوهر النفيس من كل أصنافه، فأضاء لها ما حوله، ووقعت عليها الشمس فلم تطق الأبصار تأملها كلالا. فدخل الرسول وقبل الأرض، ودفع الكتب وعرض الهدية.
وأنفذ الحاكم لأبى الحسن على بن إبراهيم النرسى ألف دينار وأربعة وعشرين قطعة ثياب مختارة، وسومح بمبلغ ثلاثة آلاف دينار كانت عليه.
وجرى الرسم فى الفطر طول شهر رمضان على مائدة الحاكم كما تقدّم.
ولما كثر النزاع بين عبد العزيز بن النعمان والقاضى حسين بن النعمان كتب الحاكم بخطّه ورقة إلى الحسين، نصّها بعد البسملة: «يا حسين أحسن الله عليك. اتّصل بنا ما جرى من شناعات العوامّ ومن لا خير فيه، وإرجافهم، وأنكرنا أن يجرى مثله فيمن يحلّ محلك من خدمتنا، إذ أنت قاضينا وداعينا وثقتنا. ونحن نتقدم بما يزيل ذلك، ولم نجعل لأحد غيرك نظرا فى شيء من القضايا والحكم، ولا فى شيء مما استخدمناك فيه، ولا مكاتبة أحد من خلفائك بالحضرة وغيرها وسائر النواحى، ولا أن نكاتب أحدا منهم غيرك؛ ومن تسمى غيرك بالقضاء فذلك على المجاز فى اللفظ لا على الحقيقة.
وقد منعنا غيرك أن يسجل فى شيء فيتقدم إلى جميع الشهود والعدول بألاّ يشهدوا فى سجلّ لأحد سواك. وإن تشاجر خصمان فدعا أحدهما إليك ودعا الآخر إلى غيرك كان الدّاعى