فيها بعث ناصر الدولة حسين بن حمدان الفقيه أبا جعفر محمد بن أحمد بن البخاري رسولاً منه إلى السلطان ألب أرسلان، ملك العراق، يسأله أن يسير إليه العساكر ليقيم الدعوة العباسية بديار مصر، وتكون مصر له. فتجهز ألب أرسلان من خراسان في عساكر عظيمة، وبعث إلى محمود بن ثمال بن صالح بن مرداس، صاحب حلب، أن يقطع دعوة المستنصر ويقيم الدعوة العباسية، فقطعت دعوة المستنصر من حلب ولم تعد بعد ذلك. وانتهى ألب أرسلان إلى حلب في جمادى الأولى سنة ثلاث وستين وحاصرها شهرا، فخرج إليه صاحبها محمود بن ثمال بن صالح بن مرداس، فأكرمه وأقره على ولايته. وأخذ يريد المسير إلى دمشق ليمر منها إلى مصر، وإذا بالخبر قد طرقه أن متملك الروم قد قطع بلاد أرمينية يريد أخذ خراسان، فشغله ذلك عن الشام ومصر ورجع إلى بلاده؛ فواقع جمائع الروم على خلاط وهزمهم. وكان قد ترك طائفة من عسكره الأتراك ببلاد الشام فامتدت أيديهم إليها وملكتها كلها، فخرجت عن أيدي المصريين ولم تعد إليهم.
وبلغ المستنصر إرسال ناصر الدولة إلى ألب أرسلان، فجهز إليه ثلاث عساكر من الأتراك وغيرهم، وتقدم أحد العساكر إليه وهو في أهل البحيرة، فجمع له ابن حمدان وأوقع به وقعة انكشفت عن أسر مقدم العسكر، وقتل كثير من أصحابه، وانهزام من بقي، والاستيلاء على ما بقي معهم؛ فتقوى به. ووافاه العسكر الثاني ولا علم عندهم بما اتفق على من تقدم، فكانت الدائرة لابن حمدان عليهم أيضا؛ فسار وهجم على العسكر الثالث وقتل منهم وأسر،