وكان من خبر ذلك أن أبا عبد الله سير إلى عبيد الله رجالا من كتامة يخبرونه بما فتح الله عليه، وأنهم ينتظرونه، فوافوه بسلمية من أرض حمص، قد كان اشتهر خبر عبيد الله عند الناس، فطلبه المكتفي، ففر من سلمية ومعه ابنه أبو القاسم نزار الذي قام بالأمر من بعده، وخرج معهما خاصته ومواليه.
فلما انتهى إلى مصر أقام مستتراً بزي التجار، فأتت الكتب إلى عيسى التوشري أمير مصر من المعتضد بالله العباسي بصفة عبيد الله وحليته، وأنه يأخذ عليه الطرق ويقبضه وكل من يشبهه؛ فلما قرئت الكتب كان في المجلس ابن المدير الكاتب، فبلغ ذلك عبيد الله، فسار من مصر مع أصحابه ومعه أموال كثيرة، فأوسع في النفقة على من صحبه، وفرق النوشري الأعوان في طلب عبيد الله، وخرج بنفسه، فلما رآه لم يشك فيه، وقبض عليه، ووكل به وقد نزل في بستان، ثم استدعاه ليأكل معه، فأعلمه أنه صائم، فرق له، وقال: أعلمني حقيقة أمرك حتى أطلقك.
فخوفه الله تعالى وأنكر حاله، وما زال يتلطف به حتى أطلقه وخلى سبيله، وأراد أن يرسل معه من يوصله إلى رفقته، فقال: لا حاجة إلى ذلك، ودعا له.
وقيل إنه أعطاه مالاً في الباطن حتى أطلقه، فرجع بعض أصحاب النوشري عليه باللوم، فندم على إطلاقه، وأراد أن يبعث الجيش وراءه ليرده.
وكان عبيد الله قد لحق بأصحابه، فإذا ابنه أبو القاسم قد ضيع كلباً كان يصيد به،