وهو يبكي عليه، فعرفه عبيده أنهم تركوه في البستان الذي كانوا فيه، فرجع عبيد الله بسبب الكلب حتى دخل البستان ومعه عبيده، فلما رآه النوشري سأل عن خبره، فقيل إنه عاد بسبب كلب لولده، فقال النوشري لأصحابه: قبحكم الله، أردتم أن تحملوني على هذا الرجل حتى آخذه، فلو كان يطلب ما يقال أو لو كان مريباً لكان يطوى المراحل ويخفى نفسه، ولا كان يرجع في طلب كلب وتركه، ولم يعرض له.
فسار عبيد الله وخرج عليه عدة من اللصوص بموضع يقال له: الطاحونة، فأخذوا بعض متاعه، منه كتب وملاحم كانت لآبائه، فعظم أمرها عليه، فيقال إنه لما خرج ابنه أبو القاسم في المرة الأولى إلى الديار المصرية أخذها من ذلك المكان.
ثم إن عبيد الله انتهى هو وولده إلى مدينة طرابلس، ففارق التجار، وكان في صحبته أبو العباس أخو أبي عبد الله، فقدمه عبيد الله إلى القيروان، فسار إليها، فوجد خبر عبيد الله قد سبق إلى زيادة الله بن الأغلب، فقبض على أبي العباس وقرره، فأنكر، وقال: أنا رجل تاجر صحبت رجلا في القفل، فحبس.
وبلغ الخبر إلى عبيد الله، فسار إلى قسنطينة.
ووصل كتاب زيادة الله إلى ناظر طرابلس بأخذ عبيد الله، فلم يدركه، ووافى عبيد الله قسطنطينة، فلم يقصد أبا عبد الله، لأن أخاه أبا العباس كان قد أخذ، وسار إلى سجلماسة، فوافت الرسل في طلبه، وقد سار فلم يوجد، ووصل إلى سجلماسة فأقام بها، وقد أقيمت له المراصد بالطرقات.