للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أربع عشرة، ومنهم أبو على الحسن بن محمد المعروف بحسنّك، صاحب عين الدولة والخصيص به، وفى مهمته ما يدفع إلى العرب فى طريق مكة وغيرها من رسومهم؛ فدفع كلّ من استضعفه، ووعد من قوى جانبه وخيفت أذيّته بإزاحة علّتهم عند مرجعه، واحتجّ عليهم بالوقت وضيقه وخيفة الفوت؛ فأخّروا مطالبته. فلما قضى الحجّ وعاد بمن معه إلى المدينة النّبوية اجتمع هو وأبو الحسن محمد بن الحسن الأقساسى العلوىّ، أمير الحاج البغدادى، وعدّة من وجوه الناس، للنظر فى أمر العرب، فاستقر رأيهم على السير إلى الرّملة من وادى القرى والمضىّ على الشام إلى بغداد. فساروا إلى الرّملة، وقدم الخبر بقدومهم إليها على الظاهر فى ثانى عشر صفر، وقالوا إنهم فى ستين ألف جمل ومائتى ألف إنسان - بكتاب بعث به إليه الأقساسى يستأذنه فيه على عبور بلاد الشام. فسرّ بذلك وكتب إلى جميع ولاة الشام بتلقّيهم وإنزالهم، وإكرام مقدمهم، وعمارة البلاد لهم بالطّعام والعلف، وإطلاق الصّلات للفقهاء والقراء وإقامة الأنزال الكثيرة لحسنك، صاحب عين الدولة، والتناهى فى إكرامه. وتقدم إلى مقدّمى عساكر الشام بحفظهم والمسير فى صحبتهم، وأن يتسلمهم صالح بن مرداس (١) من دمشق ويوصلهم الرّحبة (٢)، ويدفع إلى الأقساسى ألف دينار وعدّة كثيرة من الثياب، وإلى حسنّك مثل ذلك؛ وقيد إليه فرس بمركب ذهب. فساروا من الرّملة موقورين مجبورين شاكرين حتى وصوا إلى بغداد، وعرّج حسنّك عنها خوفا من الإنكار عليه. فاشتد ما فعله الظاهر على الخليفة القادر بالله، وأنكر عودتهم على الشام، وصرف الأقساسى عما كان إليه وقبضه؛ وأنكر على حسنّك، وكتب فيه إلى عين الدولة، واستدعى منه الفرس والقماش والخلع الواصلة إلى حسنّك


(١) أول أمراء الأسرة المرداسية التى حكمت حلب بين سنتى ٤١٤ - ٤٧٢ (١٠٢٣ - ١٠٧٩).
(٢) هناك أكثر من رحبة من أشهرها رحبة مالك بن طوق على مسافة خمسة أيام من حلب وثمانية أيام من دمشق ومائة فرسخ من بغداد، وهى على شاطئ الفرات جنوب قرقيسيا، ولعلها المقصودة هنا. وهناك رحبة بضم الراء قرية بحذاء القادسية على مرحلة من الكوفة على يسار الحجاج إذا أرادوا مكة. معجم البلدان: ٢٣٤:٤ - ٢٣٩.