والجنود ما كان الأفضل حظره عليهم من الملبوس والتّجمّل؛ فما برح الناس فى خيرات دارّة ونعم متزايدة إلى أن تمكّن الرّاهب من الدّواوين واشتد فى مطالبة النّصارى وضمن فى جهاتهم الأموال، وحملها أوّلا فأوّلا؛ وكان قد حصل لهم فى أيّام الأفضل والمأمون ما يزيد عن الوصف. فلمّا تمكّن الرّاهب من النّصارى واستطاب ما تحصّل منهم ابتدأ يعمل فى المسلمين معاملى الدّيوان من المشارفين والضّمناء والعمّال.
فيها ركب الآمر لينظر جوسق البغدادى أبى الحسن على بن محمد بن سعدون بالقرافة، فإنه كان من أحسن جواسق القرافة (١) وأفخرها بناء؛ فلمّا قرب منه سقط عن فرسه إلى الأرض فهنّئ بالسّلامة، وقيل فى ذلك عدّة أشعار.
(١) الجوسق: القصر، ويجمع على جواسق وهو معرب عن اللفظ الفارسى كوسك. وجوسق البغدادى المذكور بالمتن كان بالقرافة وإلى جواره قبر منشئه: وقد خرب سنة ٥٢٠. المواعظ والاعتبار: ٤٥٣:٢.