ولم يبق من شيوخهم إلا من قاد إليه الفرسين والثلاثة بمراكبها. وحمل لسلمان بن جعفر ابن فلاح ما يتجاوز ألف رأس، وجل رحل العزيز وأمتعته. وباع من الخيل والبغال والنجب والحمر ما يتجاوز الألوف؛ حتى بيعت الناقة بستة دنانير، والحمار الذي قيمته أربعون دينارا بأربعة دنانير. وقطع أكثر الرسوم التي كانت لأولياء الدولة من الأتراك والعبيد، وقطع أكثر ما كان في المطابخ. وقطع أرزاق جماعة أرباب الراتب، وفرق كثيرا من الجواري طلباً للتوفير.
واصطنع أحداث المغاربة، فكثر عبث أشرارهم وامتدت أيديهم إلى أخذ الحرم في الطرقات؛ وعروا جماعة من الناس، فكثرت الشكاية منهم ولم يبد كبير نكير؛ فأفرط الأمر حتى تعرضوا إلى الأتراك يريدون أخذ ثيابهم، فثار لذلك شر قتل فيه واحد من المغاربة وغلام تركي؛ فسار أولياء الكتامى ليأخذوا التركي قاتله ويأتوا به إلى قبر المقتول فيعتقوه هناك؛ فلما أخذوه قتلوه على قبر الكتامي. فاجتمعت أكابر الطائفتين وتحزبوا، فوقعت الحرب بينهما وقتل جماعة، وانطلقت ألسن كل منهما في الآخرين بالقبيح. وأقاموا على مصافهم يومين آخرهما تاسع شعبان، فركب ابن عمار في عاشره بآلة الحرب وقد حفت به المغاربة؛ وتبادر إليه الاتراك؛ فاقتتل الفريقان وقتل منهما جماعة وجرح كثير. وجيء لابن عمار بعدة رؤوس طرحت بين يديه، فأنكر ذلك وظهر له الخطأ في ركوبه، فعاد إلى داره.
وجاء برجوان ليصلح الأمر، فثار الغلمان وركبوا دار ابن عمار للفتك به، فأركب