برجوان إلى القصر وانبسطت أيدي المغاربة وأحداث الغلمان والنهابة، فانتهبوا دار ابن عمار واسطبلاته، ودار رشا غلامه، وأخذوا ما لا يحصى كثرة.
وانعزل لثلاث بقين منه، وتحول من القاهرة إلى داره بمصر. فكانت أيام نظره أحد عشر شهرا غير خمسة أيام. فأقام بمصر سبعة وعشرين يوماً، ثم عاد إلى القاهرة بأمر الحاكم فأقام بها لا يركب ولا يجتمع به سوى خدمه؛ وأطلقت له رسومه وجراياته وجرايات حشمه على رتبه في أيام نظره.
وتقدم الحاكم إلى برجوان أن ينظر في التدبير على ما كان ابن عمار، فنظر في ذلك لثلاث بقين من رمضان، وسار إلى القصر وجمع الغلمان الأتراك ونهاهم عن التعرض لأحد من الكتاميين والمغاربة. وقبض على عريف الباطلية، فإنهم كانوا قد نهبوا شيئا كثيرا لابن عمار، وألزمه بإحضار ما نهب أصحابه. وأجرى الرسوم والرواتب التي قطعها ابن عمار، وأجرى لابن عمار ما كان يجري له في أيام العزيز، ولآله وحرمه؛ ومبلغ ذلك من اللحم والتوابل والفاكهة خمسمائة دينار في كل شهر، يزيد على ذلك تارة وينقص أخرى على قدر الأسعار، مع ما كان له من الفاكهة، وهو في كل يوم سلة بدينار، وعشرة أرطال شمع كل يوم، وحمل ثلج عن يومين؛ فأجرى له ذلك مدة حياته.