للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- غلام ميمون دبّة صاحب الشرطة السفلى (١) - فاعتقل جماعة من أولاد التجار ومن كان ساكنا حول قيسارية الإخشيد، فشنّع الناس عن رشيق أنه دسّ على الرجل من قتله وأخذ ماله، ورفع إلى العزيز ذلك، وأنه اعتقل أبرياء مستورين، فوقّع على ظهر الرقعة إلى الوزير يعقوب بن يوسف فى ذى الحجة سنة سبع وسبعين وثلاثمائة:

«سلّم الله الوزير، وأبقى نعمته عليه.

هذه رقعة رفعت إلينا بالأمس، الوزير - سلّمه الله -[يطلع] عليها ويتدبّرها، والأمر والله فظيع، يسوء الأولياء، ويسرّ الأعداء، وبالأمس كنا نضحك من فنّاخسرو، واليوم ألجمنا بعار منى علينا فى بلد نحن ساكنوه، والأخبار تسير به فى البلدان، وحسبك بقتل الأنفس فى مواضع الأمن والطمأنينة فى وسط عمارة المسلمين وتؤخذ الأموال، وقد وكل الأمر إلى رجلين لا يخافان الله ﷿ ولا يتقيانه، والدنيا فانية، والآجال متقاربة، وإن أصبح الناس فما يدرى أنه يمسى .... الله ﷿ .... هذه الجرائم.

عليه منها يحرم أجره .... فى .... (٢) المتغافل عنه، فو الله لو جرى مثل هذا فى بلد يبعد عنا لوجب الاحتساب لله فيه، فكيف تحت كنفنا وفى بلدنا؟! فليستقص الوزير - سلّمه الله - عن هذه القصة، ويوتر الله ويوترنا، ويغسل هذا العار عن الدولة ولا يغمها به.

فو الله الذى لا إله إلا هو، وحق جدى رسول الله ما كتبت إلى الوزير - سلّمه الله - هذه الرقعة إلا وأنا خائف من نقم الله - جلّ اسمه -، لكثرة تغافلنا وإهمالنا، إلى أن صارت المعاملة فى سفك الدماء وقتل الأنفس، فليس على هذا صبر، ولا بدّ لك من


(١) الشرطة هم الجنود الذين يحافظون على الامن، وقد كان للفسطاط شرطة منذ الفتح العربى، وكان صاحبها فى المكان الثانى بعد الوالى، فلما أسست العسكر أنشئت فيها دار أخرى للشرطة سميت الشرطة العليا - لعلو العسكر عن الفسطاط - كما سميت شرطة الفسطاط بالشرطة السفلى منذ ذلك الحين، ولما فتح جوهر مصر وأنشأ القاهرة نقل اليها الشرطة العليا، وقد ظلت بها طول عهود الفاطميين والأيوبيين والمماليك. انظر: (صبح الاعشى، ج ٤، ص ٢٣) حيث يذكر أنه كانت هناك شرطة ثالثة فى القرافة، وأنها ضمت فى العصر المملوكى الى شرطة الفسطاط أى السفلى.
(٢) مكان هذه النقط فى الاصل كلمات ممحوة استحال على الناشر قراءتها.