للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رأيت البارحة رؤيا مقتضاها أنه ربّما يشركنا فى كثير من أمرنا؛ فالحمد لله إذ كان هذا.

وكتب على الرّقاع أمضاها بخطّه، وخلع على ابن مصال.

فلمّا طال اعتقال رضوان أخذ ينقب بحيث لا يعلم به إلى أن انتهى النقب من موضعه الّذى هو فيه إلى تجاه فندق أبى الهيجاء، وخرج النّقب عن سور القصر. وكان قياس ما نقبه خمسة وثلاثين ذراعا، فظهر منه بكرة يوم الثلاثاء، ثالث عشرى ذى القعدة، فى الجيزة، فالتفّ عليه جماعة من لواتة وعدّة من الأجناد؛ وسمع به الطّمّاعون، وكان للنّاس فيه أهوية. فندم الحافظ على تركه بغير حارس؛ وأخذ فى العمل.

فلمّا كان ثالث يوم عدّى رضوان من اللوق (١) وسار إلى القاهرة؛ فخرج إليه عسكر الحافظ وتحاربوا معه عند جامع ابن طولون، فهزمهم، وسار فى إثرهم إلى القاهرة، فدخلها فى الرّابعة من نهار الجمعة سادس عشريه، ونزل بالجامع الأقمر (٢). فغلق الحافظ أبواب القصر وامتنع به. فأحضر رضوان أرباب الدولة والدّواوين، وأمر ديوان الجيش بعرض الأجناد، وأخذ أموالا كانت خارجة من القصر، وأنفق فى طوائف العسكر. وأرسل إلى الحافظ يطلب منه مالا؛ فسيّر إليه صندوقا فيه مال وقال له: هذا الحدّ الذى أراده الله، فاسترض على نفسك (٣).


(١) صوابه أن يقال أرض اللوق بفتح اللام، إلا أن الناس ينطقونها بضم اللام. يقال فى اللغة لاق الشئ يلوقه لوقا ولوقه: لينه، وأرض اللوق هى التى انحسر عنها ماء النيل وتركها أرضا لينة لا تحتاج إلى الحرث لزراعتها، وكانت أرض اللوق هذه بساتين ومزارع ليس بها من البناء شيء إلى أن عمر القاضى الفاضل، وزير صلاح الدين، بها دارا سميت بمنشأة الفاضل. وكانت هذه الأرض تشمل منطقة باب اللوق إلى الدكة بجوار المقس الفاطمى ومنطقة بركة الشقاف وما يسامتها إلى الخليج. المواعظ والاعتبار: ١١٧:٢ - ١١٨.
(٢) أنشأه الخليفة الآمر بأحكام الله فى موضع كان للعلافين، وقام على إنشائه وزيره المأمون البطائحى، فلم يترك أمام القصر دكانا، وبنى تحت الجامع دكاكين ومخازن من جهة باب الفتوح؛ واكتمل بناء الجامع فى سنة تسع عشرة وخمسمائة؛ ويقال إن اسمى الآمر الخليفة والمأمون الوزير كانا مدونين على لوح فوق محرابه. وقد شمل هذا المسجد كثير من التجديدات والتحسينات فى العصر المملوكى، ولم تقم به خطبة إلى أن جدد الأمير يلبغا السالمى، على زمن الظاهر برقوق، عمارته سنة إحدى وثمانمائة، فأقام به الخطبة. وهو الآن بشارع النحاسين الذى هو جزء من شارع المعز لدين الله. المواعظ والاعتبار: ٢٩٠:٢؛ صبح الأعشى: ٣٦٥:٣.
(٣) يقول ابن الأثير: وأرسل إلى الحافظ يطلب منه مالا ليفرقه، على عادتهم (على عادة الفاطميين) فإنهم كانوا إذا وزروا وزيرا أرسلوا إليه عشرين ألف دينار ليفرقها، فأرسل إليه الحافظ عشرين ألف دينار فقسمها، وكثر عليه الناس، وطلب زيادة فأرسل إليه عشرين ألف دينار أخرى ففرقها فتفرق الناس وخفوا عنه. ويقول النويرى إن الحافظ أرسل إليه عشرين ألف دينار، ولم يذكر شيئا عن الدفعة الأخرى التى ذكرها ابن الأثير. الكامل: ١٩:١١؛ نهاية الأرب: ٢٨.