وضرغاماً قد تحدثا لرزيك في الأمر وقد حلفا له جماعةً من الأمراء، وأنت غافل عن هذا الأمر. فقال له شاور: اسكن ولا تعجل؛ أنا أكشف عن هذا، فإذا تحققته حكمته. فقال: لا غنى بي عن قتل رزيك فإني إذا قتلته أمنت. فقال له شاور: لا يمكن قتله فإنه أولاني جميلا بسببه صرت في هذا المحل. فمضى طي إلى رزيك وقتله؛ فقامت قيامة شاور. وبلغ ذلك ضرغاماً فثار وأثار من خلفه وقرر معهم أمر رزيك وزحف بهم، فانهزم شاور. فكان في هذه السنة ثلاثة من الوزراء هم: رزيك بن الصالح بن رزيك، وأمير الجيوش شاور والمنصور ضرغام بن عامر بن سوار المنذري اللخمي أبو الأشبال.
وفيها اختلت الدولة وضعفت بذهاب أمرائها وأولي الرأي فيها.
فيها سار الفرنج إلى ديار مصر فوصلوا إلى السدير. وورد الخبر في ثاني شوال بوصولهم إلى فاقوس؛ فأخرج إليهم ضرغام أخاه ناصر المسلمين هماماً، وكان شجاعاً، فالتقى معهم وحاربهم، فهزموه بعد أن قتل منهم خلقاً. وكان شاور قد انضم إلى بني منصور لأنه من فخذهم، وكان قائماً على كوم عال. ثم إن الفرنج صاروا إلى حصن بلبيس في شوال وملكوا بعض السور فردهم عنه همام وبنو كنانة. وتفرق العسكر إلى الحوف فقاتل العرب هؤلاء وقد انهزموا من الفرنج فقتلوا كل من ظفروا به. وعاد العسكر وقد قتل منهم العرب عدة، ورجع الفرنج إلى بلاد الساحل بمن أسروه من المسلمين وفيهم القطوري من أكابر الأمراء.
فلما صار همام بالقاهرة صار كأنه مشارك لأخيه في الوزارة، كل منهما يوقع ويقطع، ولم يظفر ضرغام من المال بكبير شيء فإنه نهب.
وفيها ولي الوزير ضرغام الأمير مرتفع الخلواص الإسكندرية برجاء إبعاده عنه، فلما صار إليها ظفر بقوم رتبهم ضرغام لقتاله، فتأكدت الوحشة بينهما، وجمع لمحاربة ضرغام وخرج من الإسكندرية فكتم ذلك.
وفيها قدم شاور دمشق في ذي القعدة وترامى على نور الدين، فبعث الوزير ضرغام إليه