وكانت العادة جارية من الأيام الأفضلية في آخر جمادى الآخرة من كل سنة أن تغلق جميع قاعات الخمارين بالقاهرة ومصر وتختم، ويحذر من بيع الخمر؛ فرأى الوزير أن يكون ذلك في سائر الأعمال، فكتب إلى ولاة الأعمال وأن ينادي بأن من تعرض لبيع شيء من هذين الصنفين أو لشرائهما سرا وجهراً فقد عرض نفسه لتلافها وبرئت الذمة من هلاكها.
لما كان مستهل رجب عملت الأسمطة على العادة، فقال الخليفة الآمر لوزيره المأمون: قد أعدت لدولتي بهجتها، وقد أخذت الأيام نصيبها من ذلك، وبقيت الليالي وقد كان بها مواسم وقد زال حكمها؛ وهي ليالي الوقود الأربع. فامتثل الأمر، وعملت.
واستجد في كل ليلة على الاستمرار برسم الخاصين الآمري والمأموني قنطار سكر ومثقالا مسك وديناران برسم المؤن ليعمل خشكنان، وتشد في قعاب وسلال صفصاف، وكان يسمى بالقعبة، ويحمل ثلثا ذلك إلى القصر والثلث إلى دار المأمون.
ووصلت كسوة الشتاء، فكانت أربعة آلاف قطعة وثلثمائة وخمس قطع. ووصلت