هذين الشخصين إذ يعملان مثل هذا الذنب القبيح ويرتكبان هذا الجرم، الشنيع ولكن أخذني العجب "كل العجب غاية العجب بالغ ما شئت في عجبي"، إذ أخبرني المدافع عني بتقرير قدمه فلان الذي أرسلت إله السلام وأبلغته سروري عندما سمعت باستخدامه، وأنا في هذا السجن رهين.
إلى هذا الوقت لم يصلني التقرير ولكن سيصل إلي إنما فيما بلغني أنه شهادة بأقبح شيء لا يشهد به إلا عدو مبين: هذا اللئيم الذي كنت أظن أنه يألم لألمي ويأخذه الأسف لحالي ويبذل وسعه إن أمكنه في المدافعة عني فكم قدمت له نفعاً ورفعت له ذكراً وجعلت له منزلة في قلوب الحاكمين: كم سمعني أقاوم هجاء الجرائد وأوسع محرريها لوماً وتقريعاً وأهزأ بتلك الحركات الجنونية وكان هو علي في بعض أفكاري هذه من اللائمين: كان ينسب فلاناً لسوء القصد اتباعاً لرأي فلان وأعارضه أشد المعارضة، ثم لم أنقض له عهداً ولم أبخس له ودا وحقيقة كنت مسروراً لوجوده موظفاً فما باله أصبح من الناكثين: آه ما أطيب هذا القلب الذي يملي هذه الأحرف، ما أشد حفظه للولاء، ما أغيره على حقوق الأولياء، ما أثبته على الوفاء، ما أرقه على الضعفاء، ما أشد اهتمامه بشؤون الأصدقاء، ما أعظم أسفه لمصائب من بينهم وبينه أدنى مودة، وإن كانوا فيها غير صادقين، ما أبعد هذا القلب من الإيذاء ولو للأعداء، ما أشده رعاية للود، ما أشده محافظة على العهد ما أعظم حذره من كل ما توبخ عليه الذمم الظاهرة، ما أقواه على العمل الحق، والقول الحق، لا يطلب عليه جزاء، وكم اهتم بمصالح قوم وكانوا عنها غافلين، هذا القلب الذي يؤلمونه بأكاذيبهم هو الذي سر قلوبهم بالترقية وملأها فرحاً بالتقدم