هو أعرف الخطباء بالأنساب وأكثرهم ضرب أمثال وإصابة رأي وقوة حجة وقل من جاره من خطباء عصره وهو زعيم الخطباء الذين أوفدهم النعمان على كسرى ولقد بلغ من إعجابه به أن قال له: لو لم يكن للعرب غيرك لكفى: وقد عمر طويلاً حتى أدرك مبعث النبي (وجمع قومه وحثهم على الإيمان به، وفي إسلامه روايات، وكان في خطبه قليل المجاز حسن الإيجاز حلو الألفاظ دقيق المعاني مولعاً بالأمثال "راجع خطبته في فن المناظرات".
[الكتابة]
يراد بالكتابة عند الأدباء صناعة إنشاء الكتب والرسائل وإذ كانت الكتابة بهذا المعنى تؤدى بالنقوش المسماة بالخط فأول خلقة من سلسلة الخط العربي هي الخط المصري القديم ومنه اشتق الخط الفينيقي ومن هذا اشتق الآرامي والمسند بأنواعه: الصفوي والثمودي والليحاني شمالي جزيرة العرب والحميري جنوبيها ورواة العرب يقولون إنهم أخذوا خطهم الحجازي عن أهل الحيرة والأنبار.
أما الكتابة: بمعنى إنشاء الكتب والرسائل فهي لازمة لكل أمة متحضرة ذات حكومة منظمة ودواوين متعددة: وقد كان بعض ذلك موفوراً في ممالك التبابعة جنوباً ومأثوراً عن ممالك المناذرة والغساسنة شمالاً، ولذلك استعمل الخط المسند الحميري عند الأولين من عهد مديدي والأنباري الحيري عند الآخرين وإنما لم يصل إلينا شيء من رسائل تلك الأمم ولا من كتب فنونها ودينها غير قليل عثر عليه لتقادم عهد أهلها وعدم استكمال البحث بعد في بلادها.