لو يرزقون الناسُ حسب عقولهم ... ألفيت أكثر من ترى يتصدَّق
لكنه فضل المليك عليهم ... هذا عليه موسعُ ومضيّق
وإذا الجنازة والعروس تلاقيا ... ورأيت دمع نوائحٍ يترقرق
سكت الذي تبع العروس مبهتاً ... ورأيت من تبع الجنازة ينطق
وإذا امرؤٌ لسعته أفعى مرة ... تركتهُ حين يجر حبل يفرق
بقيَ الذين إذا يقولوا يكذبوا ... ومضى الذين إذا يقولوا يصدقوا
وقال أيضاً
صرمتْ حبالكَ بعد وصلك زينبُ ... والد?ّهر فيه تصرمٌّ وتقلبُ
وكذاك وصلُ الغانيات فإنهُ ... آلٌ ببلقعةٍ وبرقٌ خلبُ
فدع الصّبا فلقد عداك زمانه ... واجهدْ فعمر مرّ منه الأطيبُ
ذهب الشّباب فما له من عودةٍ ... وأتى المشيب فأين منهُ المهرب
دع عنك ما قد فات في زمن الصّبا ... واذكرْ ذنوبكَ وابكها يا مذنب
واخش مناقشة الحسابِ فإنّه ... لا بدّ يحصى ما جنيتَ ويكتب
والليل فاعلم والنهار كلاهما ... أنفاسنا فيه تعدُّ وتحسب
لم ينسهُ الملكان حينَ نسيتهُ ... بل أثبتاه وأنت لاهٍٍ تلعب
والرُّوح فيك وديعة أودعتها ... ستردُّها بالرغَّم منك وتسلبُ
وغرور دنياك التي تسعى لها ... دار حقيقتها متاع يذهب
وجميع ما حصلته وجمعته ... حقّاً يقيناً بعد موتك ينهب
تبَّاً لدار لا يدوم نعيمها ... ومشيدها عمّا قليل يخرب
فاسمع هديتَ نصائحاً أولاكها ... برٌّ نصوح للأنام مجرّب
أهدى النصيحة فاتعظ بمقاله ... فهو التقيُّ اللّوذعيُّ الأدرب
لا تأمن الدّهرَ الخؤون لأنه ... ما زالت قدماً للرجال يهذّب
وكذلك الأيام في غصاتها ... مضضٌ يذلُّ له الأعزّ الأنجب
ويفوز بالمال الحقيرُ مكانةً ... فتراه يرجى ما لديه ويرغب
ويسرُّ بالتّرحيب عند قدومه ... ويقامُ عند سلامه ويقرَّب
فاقنعْ ففي بعض القناعة راحة ... ولقد كسي ثوبَ المذلَّة أشعب
لا تحرصنّ فالحرص ليس بزائدٍ=في الرّزق بل يشقي الحريص ويتعب
كم عاجزٍ في الناس يأتي رزقهُ ... رغداً ويحرمُ كيس ويخيّب
فعليك تقوى الله فالزمها تفزْ ... إن التقيَّ هو البهيُّ الأهيب