وقال شاعر النيل أحمد بك شوقي راثياً
خلقنا للحياة وللممات ... ومن هذين كلّ الحادثات
ومن يولك يعش ويمت كان لم ... يمرَّ خياله بالكائنات
ومهدُ المرء في أيدي الرواقي ... كنعش المرء بين النائحات
وما سلم الوليد من اشتكاء ... فهل يخلو المعمّر من أداة
هي الدنيا قتالٌ نحن فيه ... مقاصد للحسام وللقنّاة
وكل الناس مدفوع إليه ... كما دفع الجبان إلى الثّبات
نروع ما نروّع ثم نرمى ... بسهم من يد المقدورِ آتٍ
وقال محمد بك حافظ إبراهيم راثياً الإمام الشيخ محمد عبده
سلامٌ على الإسلام بعد محمدٍ ... سلامٌ على أيامه النّضراتِ
لقد كنت أخشى عادي الموت قبله ... فأصبحتُ أخشى أن تطول حياتي
فوالهفي والقبرُ بيني وبينه ... على نظرةٍ من تلكمُ النظراتِ
وفقت عليه حاسرَ الرأس خاشعاً ... كأنّي حيال القبر في عرفاتِ
أبنتَ لنا التنزيلَ حكماً وحكمة ... وفرَّقت بين النور والظلّمات
ووفقت بين الدّين والعلم والدّجى ... فأطلعت نوراً من ثلاث جهات
وقفتَ (لها نوتر ورينان) وقفة ... أمدّك فيها الروح بالنفحاتِ
وخفتَ مقام الله في كل موقفٍ ... فخافك أهل الشكْ والنَّزعاتِ
وأرصدت للباغي على دين أحمد ... شباة يراعٍ ساحر النفثاتِ
مشى نعشه يختال عجباً بربه ... ويخطر بين الّلمس والقبلات
بكى الشرق فارتجت له الأرض رجّة ... وضاقت عيون الكون بالعبراتِ