[وقال السيدة تماضر الخنساء المتوفاة سنة ٢٤ هـ?]
قذّى بعينك أم بالعين عوّارُ ... أم أقفرت إذ خلت من أهلها الدّار
كأنَّ عيني لذاكرة إذا خطرت ... فيضٌ يسيلُ على الخدّين مدرارُ
تبكي خناسٌ على صخر وحقّ لها ... إذ رابها الدّهر إنّ الدّهر ضرارُ
لا بدّ من ميتةِ في صرفها عبرٌ ... والدَّهر في صرفه حولٌ وأطوارُ
يا يخرُ ورَّاد ماءٍ قد توارده ... أهل الموارد في ورده عارُ
وإنّ صخراً لحامينا وسينا ... وغنَّ صخراً إذا نشتوا لنحّارُ
وإنَّ صخراً لتأتمُّ الهداة بهِ ... كأنهُ علمٌ في رأسه نارُ
لم ترهُ جارةٌ يمشي بساحتها ... لريبة حين يخلى بيتهُ الجارُ
مثل الرُّدينيّ لم تنفد شبيبتهُ ... كأنّه تحت طيّ البردِ أسوارُ
طلقُ اليدينِ بفعل الخير معتمدٌ ... ضخمُ الدَّسعية بالخيرات أمارُ
حمالُ ألوية هبّاط أوديةَ ... شهّاد أندية للجيش جرارُ
[وقالت أعرابية ترثي ابنها]
أيا ولدي قد زاد قلبي تلهُّبها ... وقد حرقت منّي الشُّؤون المدامعُ
وقد أضرمت نارُ المصيبةِ شعلةُ ... وقد حميت منّي الحشا والأضالعُ
وأسأل عنك الرّكب هل تخبرونني ... بحالك كيما تستكنُّ المضاجع
فلم يكُ فيهم مخبرٌ عنك صادق ... ولا فيهمُ من قال إنّك راجع
فيا ولدي غبت كدَّرت عيشتي ... فقلبي مصدوع وطرفي دامع
وفكري مسقومٌ وعقلي ذاهب ... ودمعي مسفوحٌ وداري بلا قع