آثاره وعينه فراره وحقاً أقول إني لا أحسب أحداً ما خلا الملوك جمع من المصاحف ما جمعت وابتدع في استكتابها ما ابتدعت، وإن هذا المصحف لزائد عن جميعها زيادة الفرع على الغرة بل زيادة الحج على العمرة.
[أبو بكر الخوارزمي]
هو أبو بكر محمد بن العباس الخوارزمي الكاتب الشاعر اللغوي الأديب الرحالة ولد بخوارزم سنة ٣٢٣هـ ونشأ بها وكان ضليعاً في كل فن من فنون العربية وخاصة الكتابة والشعر.
جاب الأقطار ودخل الأمصار من الشام إلى أقصى خراسان في استفادة العلم والأدب وإفادتهما: وكان كثير الحفظ للشعر غزير المادة من اللغة.
وتقلب الخوارزمي في خدمة كثير من الملوك والأمراء والوزراء حتى ألقى عصا التسيار بمدينة نيسابور وطاب عيشه بها إلى أن مني في آخر أيامه بمساجلة بديع الزمان الهمذاني ومناظرته ومناضلته وأعانه عليه قوم من أعيان البلدة ووجوهها فانخذل الخوارزمي انخذالاً شديداً وكسف باله ولم يحل عليه الحول حتى مات سنة ٣٨٣هـ.
وكان الخوارزمي ممن يجري على طريقة ابن العميد في الكتابة متوخياً جزالة الألفاظ محتفلاً بصحة المعاني مع ميل فيه إلى الغريب، وتقدم له كثير من الرسائل.
[بديع الزمان الهمذاني]
هو أبو الفضل أحمد بن الحسين الكاتب المترسل والشاعر المبدع: حافظ عصره. نشأ بهمذان ودرس العربية والأدب ونبغ فيهما وضرب في الأرض يتكسب بأدبه ثم أقام بنيسابور مدة أملى بها أربعمائة مقامة بلفظ رشيق وسجع رقيق، وعلى منوالها نسج الحريري. ثم شجر بينه وبين