أما بعد: فإن الله عز وجل إنما أعطاكم الدنيا لتطلبوا بها لآخرة ولم يعطكموها لتركنوا إليها، الدنيا تفنى والآخر ة تبقى فلا تبطرنكم الفانية ولا تشغلنكم عن الباقية فآثروا ما يبقى على ما يفنى فإن الدنيا منقطعة وأن المصير إلى الله، اتقوا الله عز وجل فإن تقواه جنة من بأسه ووسيلة عنده واحذروا من الله الغير، والزموا جماعتكم ولا تصيروا أحزاباً (وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَآءً فَأَلّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً)[آل عمران: ١٠٣] .
عليّ بن بي طالب كرّم الله وجهه
هو أمير المؤمنين أبو الحسن علي ن أبي طالب، وابن عم رسول وزوج ابنته ورابع الخلفاء الراشدين ولد رحمه الله بعد مولد النبي باثنتين وثلاثين سنة، وهو أول من آمن من الصبيان، وكان شجاعاً لا يشق له غبار، وشهد الغزوات كلها مع النبي إلا غزوة تبوك، وأبلى في نضرة رسول الله ما لم يبله أحد، ولما قتل عثمان بايعه الناس بالحجاز وامتنع من بيعته عاوية وأهل الشام شيعة بني أمية غضباً منهم لمقتل عثمان وقلة عناية علي بالبحث عن معرفة القتلة على حسب اعتقادهم، فحدث من جراء ذلك الفتنة العظمى بين المسلمين وافتراقهم إلى طائفتين فتحاربوا مجدة من غير أن يستتب الأمر لعلي أو معاوية حتى قتل أحد الخوارج علياً غيلة بمسجد الكوفة سنة ٤٠هـ?.
وكانت مدة خلافته خمس سنين إلا ثلاثة أشهر.
وكان رحمه الله أفصح الناس بعد رسول الله، وأكثرهم علماً وزهداً وشدة في الحق، وهو إمام الخطباء من العرب على الإطلاق بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخطبه