أيا حاسداً لي على نعمتي ... أتدري على من أسأت الأدب
أسأت على الله في حكمه ... لأنك لم ترض لي ما وهب
فأخزاك ربي بأن زادني ... وسد عليك وجوه الطلب
إن شئت قتل الحاسدين تعمداً ... من غير مادية عليك ولا قود
وبغير سم قاتل وصوارم ... وعقاب رب ليس يغفل عن أحد
عظيم تجاه عيونهم محسودهم ... فتراهموا موتى النفوس مع الجسد
ذوب المعادن باللظى لكنما ... ذوب الحسود بحر نيران الحسد
[الباب الرابع والعشرون في الحلم]
إلا أن حلم المرء أكرم نسبة ... تسامى بها عند الفخار حليم
فيا رب خب لي منك حلماً فإن ... ني أرى الحلم لم يندم عليه كريم
أحب مكارم الأخلاق جهدي ... وأكره أن أعيب وأن أعابا
وأصفح عن سباب الناس حلماً ... وشر الناس من يهوى السبايا
ومن هاب الرجال تهيبوه ... ومن حقر الرجال فلن يهابا
ولا خير في حلم إذا لم يكن له ... بوادر تحمي صفوه أن يكدرا
ولا خير في جهل إذا لم يكن له ... حليم إذا ما أورد الأمر أصدرا
إذا كنت محتاجاً إلى الحلم أنني ... إلى الجهل في بعض الأحيان أحوج
ولي فرس للحلم بالحلم ملجمٌ ... ولي فرس للجهل بالجهل مسرج
فمن شاء تقويمي فإني مقوم ... ومن شاء تعويجي فإني معوج
وما كنت أرضى الجهل خذناً وصاحباً ... ولكنني أرضى به حين أحرج
إذا كنت بين الحلم والجهل ناشئاً ... وخيرت أنى شئت فالحلم أفضل
ولكن إذا أنصفت من ليس منصفاً ... ولم يرض منك الحلم فالجهل أمثل
[وقال الإمام الشافعي رضي الله عنه]
وعين الرضا عن كل عيب كليلةٌ ... كما أن عين السخط تبدي المساويا
ولست بهياب لمن لا يهابني ... ولست أرى للمرء ما لا يرى ليا
فإن تدن منك مودتي ... وإن تنأ عني تلقني عنك نائيا
كلنا غني عن أخيه حياته ... ونحن إذا متنا أشد تغانيا