كالصّالح الملكِ المرهوب سطوتهُ ... فلو توعّد قلب الدهر لا نفطرا
لما رأى الشرّ قد أبدى نواجذه ... والغدرَ عن نابه للحرب قد كشرا
رأى القسيّ إناثاً عن حقيقتها ... فعافها واستشارَ الصّارم الذّكرا
فجرّد العزمَ من قبل الصفاح لها ... ملك عن البيض يستغني بما شهرا
يكاد يقرأُ من عنوان همّتهِ ... ما في صحائف ظهر الغيبِ قد سطرا
كالبحر والدهر في يومي ندّى وردّى ... واللّيثِ والغيث في يومي وغى وقرى
ما جاد للنّاس إلاّ قبل ما سألوه ... ولا عفا قطُ إلاّ بعد ما قدرا
لاموه في بذله الموال قلت لهم ... هل يقدر السّحبُ ألاّ ترسلَ المطرا
إذا غدا الغصنُ غضّا من منابته ... من شاء فليجن من أفنانهِ الثمرا
من آل أرتق المشهور ذكرهم ... إذا كان كالمسك إن أخفيتهُ ظهرا
الحاملين من الخطيّ أطوله ... والناقلين من الأسياف ما قصرا
لم يرحلوا عن حمى ارض إذا نزلوا ... إلاّ وأبقوا بها من جودهم أثرا
تبقى صنائعهم في الأرض بعدهم ... والغيثُ إن سار أبقى بعده الزّهرا
لله درُّ سما الشّهباء من فلك ... وكلّما غاب نجمٌ أطلعت قمرا
يا أيها الملك الباني لدولته ... ذكراً طوى ذكر أهل الأرض وانتشر
كانت عداك لها دستٌ فقد صدعت ... حصاةُ جدّك ذاك الدّست فانكسرا
فأوقعْ إذا غدروا سوطَ العذاب بهم ... يظلّ يخشاك صرفُ الدّهر إن غدرا
ظنّوا تأنّيك من عجز وما علموا ... أن التأنيَ فيهم يعقب الظّفرا
أحسنتهم فبغوا جهلاً وما اعترفوا ... بصنعكم ومن جحد النعمى فقد كفرا
واسعد بعيدك ذا الأضحى وضحّ به ... وصلْ وصلّ لربّ العرش مؤتمرا
وانحر عداك فبالإنعام ما انصلحوا ... إن كان غيرك للأنعام قد نحرا
[وقال المرحوم عبد الله باشا فكري يهنئ الخديوي توفيق بتوليه مصر]
اليومَ يستقبل الآمالَ راجيها ... ويجلي عن سماء العزّ داجيها
وتزدهي مصرُ والنّيل السّعيد بها ... والملك والدّين والدّنيا وما فيها
قد أطلع الله في سعد السّعود سني ... بدرٌ بلألائه ابيضّتْ لياليها
ذو همّة أدنى شأوها قصرت ... غايات من رام في أمر يدانيها
وراحة لو تحاكيها السّحائبُ في ... فيض الندّى هطلت تبراً غواديها
ورأفة بعباد الله كافلة ... بخير ما حدثتْ نفساً أمانيها
تربو على وصف مطريه محاسنهُ ... وهل يعدّ نجومَ الأفق راعيها
توفيق مصر ومولاها وموثلها ... وركنها ومفدّاها وفاديها
وغصنها النّصر أنمته منابتها ... من دوحة أينعت فيها مجانيها
خديوها ابن خديويها ابن فارسها ... أميرها البطل الشّهم ابن واليها
لله يومٌ جلا عن نور غرّته ... كالشّمس مزّق برد الغيم ضاحيها
يسير في مصر والبشرى تسابقه ... من حيث سار وتسري في نواحيها
فلتفتخر مصر إعجاباً بحاضرها ... على محاسن ماضيها وآتيها
هذا الذي كانت الآمال ترقبه ... دهراً وتعتدّه أقصى مراميها
ما زال في قلب مصر من محبّه ... سرٌّ تبوح بهِ نجوى أهاليها
تصبو له وأمانيها تطاوعها ... في حبّه ولياليها تعاصيها
وترتجيه من الرّحمن سائلة ... حتى استجيب بما ترجوه داعيها
فالحمد لله شكرناً لأنعمه ... فالشكر حافظ نعماه وواقيها
وقال مؤلف هذا الكتاب مهنئاً صديقه المرحوم الشيخ علي يوسف بك
صاحب جريدة المؤيد سنة ١٣٢٠ هـ? بأويته من أوربا
(عليُ) القدرِ ذو الشرف المؤيدْ ... شديدُ العزمِ (يوسفُ) قد تفرّدْ
وحيد الفضل والعلياءِ تشهد ... رفيع المجدِ في عزّ وسؤدد
شريف النفس محمودُ السّجايا ... عريقُ الأصل في المعروف أوحد
همامٌ ما له أبداً مثيلٌ ... بليغُ النطقِ في الكتابِ مفردْ
محبُ العدل مشكور المساعي ... عليمٌ بالسياسةِ بل (مؤيدُ)
قويّ البأس بسّام الثنايا ... سعيد الجدّ ذو قدر ممجدُ
فمن يكُ راقياً شرف المعالي ... كمثلك في الورى لا شكّ يحمد
وكيف وأنت اعظم من تصدّى ... لتأييد الصّحافةِ (بالمؤيّد)
وكيف وأنت أفوق كل رامٍ ... بسهم للكتابةِ قد تجرّدْ