وقال فيه أيضاً
السيف اصدقُ إنباءٌ من الكتبِ ... في حده الحدّ بين الجدّ والّلعبِ
بيضُ الصفائح لا سود الصحائف في ... متونهنّ جلاء، الشّكَّ والرّيبِ
فتحٌ تفتحُ أبواب السّماء له ... وتبرزُ الأرضُ في أثوابها القشبِ
غادرت فيهم بهيمَ الليل وهو ضحى ... يقلهُ وسطها صبحٌ من الّلهبِ
حتى كأن جلابيبَ الدُّجى رغبت ... عن لونها وكأنَّ الشمس لم تغبِ
أجبتهُ معلناً بالسّيف متصلتا ... ولو أجبت بغير السّيف لم تجب
خليفةَ الله جازى سعيك عن ... جرثومة الدّين والإسلام والحسب
فبين أيامك اللاتي نصرت بها ... وبين أيام بدر أقربُ النّسب
[وقال أبو العلاء المعري]
إليك تناهي كلُّ فخرٍ وسؤدد ... فأبلِ الّليالي والأنام وجدد
لجدَّك كلن المجدُ ثم حويته ... ولابنك يبنى منه أشرف مقعدِ
ثلاثة أيامٍ هيَ الدّهرُ كله ... وما هنّ غير الأمسِ واليومِ والغدِ
وما البدرُ إلا واحدٌ غير أنه ... يغيبُ ويأتي بالضيّاءِ المجدّدِ
فلا تحسب الأقمار خلقاً كثيرة ... فجعلتها من نيَّر مترددٍ
وللحسنِ لحسنى وإن جاد غيره ... فذلك جودٌ ليس بالمعتمّد
وقال أبو الطيب المتنبي مادحاً سيف الدولة
ضاق الزمانُ ووجهُ الأرض عن ملك ... ملء الزمان وملء السّهل والجبل
فنحن في جذل والرُّوم في وجل ... والبرُّ في شغل والبحرُ في خجل
ليتَ المدائح تستوفي مناقبه ... فما كليبٌ وأهل الأعصر الأول
خذ ما تراه ودع شيئاً سمعت به ... في طلعة البدرِ ما يغنيك عن زحل