للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتعلم في ديوان ابن حديد قاضي الإسكندرية. وظهر فضله فيما كان يرسله إلى القاهرة من الرسائل فاستقدم أيام الظافر إليها، وكان من كتاب ديوانه، ولازم خدمة أكابر القضاة والكتاب في الديوان، وأخذ عنهم، وحاكاهم بل فاقهم فصاحة وبلاغة لسعة اطلاعه وغزارة مادته وسرعة بديهته وصفاء خاطره.

ولما سقطت الدولة الفاطمية تولى وزارة صلاح الدين بن أيوب، وكان يتردد بين مصر والشام في الحروب الصليبية، ودبر المملكة أحسن تدبير وبقي في الوزارة حتى مات صلاح الدين فوزره لابنه العزيز على مصر. ثم وزر من بعده لأخيه ومات سنة ٥٦٩ هـ.

ومن رسائله القصيرة رسالة كتبها على يد خطيب عيذاب إلى صلاح الدين يتشفع له في توليه خطابة الكرك وهي: أدام الله السلطان الملك الناصر وثبته، وتقبل عمله بقبول صالح وأثبته وأخذ عدوه قائلاً أو بيته، وأرغم أنفه بسيفه وكبته.

خدمة المملوك هذه واردة على يد خطيب عيذاب. ولما نبا بن المنزل عنها وقل عليه المرفق منها. وسمع هذه الفتوحات التي طبق الأرض ذكرها. ووجب على أهلها شكرها، هاجر من هجير عيذاب وملحها. سارياً في ليلة أمل كلها نهار فلا يسأل عن صبحها قد رغب في خطابة الكرك وهو خطيب، وتوسل بالمملوك في هذا المتلمس وهو قريب، ونزع من مصر إلى الشام وعن عيذاب إلى الكرك وهذا عجيب والفقر سائق عنيف، والمذكور عائل ضعيف ولطف الله بالخلق بوجود مولانا لطيف والسلام.

[التدوين والتصنيف]

كانت الحاجة إلى التدوين قد اشتدت في مبدأ الدولة العباسية لاتساع ممالك الإسلام فهب العلماء إلى تهذيب ما كتب في الصحف المتفرقة وما حفظوه في

<<  <  ج: ص:  >  >>