أو تقرير حكم أو إرشاد إلى خيرا أو تنفير من شر أو في حكمة ينتفع الناس بها في دينهم ودنياهم عبارة هي في الفصاحة والبلاغة والإيجاز والبين بالدرجة الثانية بعد القرآن الكريم ولذلك كان تأثيرها في اللغة والأدب بالمنزلة التالية لكلام الله تعالى.
[النثر لغة التخاطب الخطابة الكتابة]
كانت لغة التخاطب في مبدأ الإسلام بين العرب الخلص والموالي النابتين فيهم هي العربية الفصيحة المعرة وكانت لغة الموالي الطارئين عليهم تقرب من الفصيحة أو تبتعد عنها على حسب طول لبثهم فيهم أو قصر مقامهم عندهم ولما فتح المسلمون الأمصار وكثر عندهم سبي الأعاجم وأسرى الحروب ودخل في الإسلام منهم ألوف الألوف وأصبحوا لهم إخواناً وشركاء في الدين وتم بينهم التزاوج والتناسل، نشأ للعرب ذرية اختلطت عليهم ملكة العربية وكذلك كان الشأن في المتعربين من الأعاجم أما العرب أنفسهم عد الفتوح فكانت لغتهم في جزيرتهم مثلما كانت عليه في جاهليتهم، أما سكان الأمصار منهم وأولادهم من الحرائر، فالعامة منهم المخالطون للأعاجم لم تخل لغتهم من لحن أو هجنة، والخاصة منهم تشددوا فالمحافظة على سلائقهم وتحاموا التزوج بالأعجميات وبالغوا في تربية أبنائهم فكانوا يرسلونهم إلى البادية ليرتاضوا على الفاصحة، أو يحضون لهم المؤدبين والمعلمين كذلك كان يفعل خلفاء بني أمية وأمراؤهم اقتداءً بكبيرهم معاوية بن أبي سفيان في تربية ابنه يزيد، ومن لحن منهم تعدوا ذلك عليه عاراً لا يمحى وسبة لا تزول، ومن هؤلاء اللحانين عبيد الله بن زياد والوليد بن عبد الملك وخالد القشري مع أن بعضهم كان من أبلغ الناس وأبينهم.
ومن هنا يعلم السر في تسرع القوم إلى وضع النحو وتدوينه والشكل والأعجام.