من هذه الصناعة إلى أشهى الصناعات إليك وأخفها عليك فإنك لم تشتهها إلا وبينكما نسب. والشيء لا يحن إلا إلى ما شاكله.
وينبغي أن تعرف أقدار المعاني فتوازن بينها وبين أوزان المستمعين وبين أقدار الحالات فتجعل لكل طبقة كلاماً ولكل حال مقاماً حتى تقسم أقدار المعاني على أقدار المقامات وأقدار المستمعين. على أقدار الحالات.
(عن كتاب الصناعتين باختصار)
[الطريق إلى تعلم الكتابة]
إن الطريق إلى تعلم الكتابة على ثلاث شعب: الأولى أن يتصفح الكاتب كتابة المتقدمين ويطلع على أوضاعهم في استعمال الألفاظ والمعاني ثم يحذو حذوهم وهذه أدنى الطبقات عندي.
والثانية أن يمزج كتابة المتقدمين بما يستجيده لنفسه من زيادة حسنه أما في تحسين ألفاظ أو في تحسين معان وهذه هي الطبقة الوسطى وهي أعلى من التي قبلها. والثالثة أن لا يتصفح كتابة المتقدمين ولا يطلع على شيء منها بل يصرف همه إلى حفظ القرآن الكريم وعدة من دواوين فحول الشعراء ممن غلب على شعره الإجادة في المعاني والألفاظ. ثم يأخذ في الاقتباس فيقوم ويقع ويخطئ ويصيب ويضل ويهتدي حتى يستقيم على طريقة يفتتحها لنفسه. وأخلق بتلك الطريق أن تكون مبتدعة غريبة لا شركة لأحد من المتقدمين فيها. وهذه الطريق هي طريق الاجتهاد وصاحبها يعد إماماً في فن الكتابة إلا أنها مستوعرة جداً ولا يستطيعها إلا من رزقه الله لساناً هجاماً وخاطراً رقاماً. ولا أريد بهذه الطريق أن يكون الكاتب مرتبطاً في كتابته بما يستخرجه من القرآن