وإذا فرضنا المحال وسلمنا بموته (لا قدر الله) فكاهل الكرة الأرضية لن يستطيع حمل تابوته الجسيم. نعم يسقط مهمشاً مقطع الأوصال مادام فرد منا يتنسم نسيم الحياة.
ومن آرائه في تعليم المرأة:
تعليم المرأة "أم الوطن" وتثقيف عقلها بالعلوم الدينية والمعارف الأهلية من أهم ما ترمي إليها نهضتنا العلمية الوطنية.
ومن وصفه للفلاح: سيد تركيا بل سيد العالم الحقيقي (الفلاح) لأنه هو العنصر الأول في تكوين عناصر الأمة وكيانها. والوطن بدونه لاشيء بل الوطن هو فيتعين أن نعتني به عناية خاصة، وأن نضع قبل كل شيء سعادته نصب أعيننا.
[الشعر]
كانت حالة الشعر في النصف الأول من هذا العصر لاتزيد شيئاً مذكوراً على ما كنت عليه في العصر الماضي، إذ كانت حكومة محمد علي باشا في أول أمرها تركية الصبغة، وكان هو أمياً، ولكن الشعر أخذ بعد ذلك في الترقي خصوصاً في عصر اسماعيل باشا، فتقدم خطوات تمثلت في شعر السيد علي أبي النصر المتوفي سنة ١٢٩٨، والشيخ علي الليثي المتوفي سنة ١٣٠٩، وعظيم الشعراء البارودي.
ولم يزل العلم والعلماء مع ذلك لهم المقام الأول في مصر حتى كان العصر الحاضر، ونالت مصر بعض حاجاتها من العلم وكتبه فهب أهله يتفكهون بالأدب وكتابته والتأليف فيه ويستمعون الشعر ويحرضون المجامع العظيمة لإنشاده فأقبل الشعراء على نظمه في كل أغراضه القديمة والحديثة ونحوا به نحو الشعر الإفرنجي من وصف المناظر الطبيعية، وأحوال الوجدان والعواطف النفسية ومن وصف القطار والكهرباء والمسرة والبرق وغير ذلك.
ومما يمتاز به شعر هذا الوقت خلوه من تكلف البديع والجناس. والرجوع له إلى حالته القديمة الطبيعية حتى صار شعر فحوله يشبه شعر أهل القرن الرابع والخامس.
[الشعراء]
شعراء هذا العصر كثيرون وأشهرهم محمود باشا سامي البارودي، وأحمد بك شوقي، ومحمد حافظ بك ابراهيم، واسماعيل باشات صبري، ة وخليل بك مطران وغيرهم.
[البارودي]
هو رب السيف والقلم أمير الشعراء وشاعر الأمراء، محمود سامي باشا بن حسن حسني بك البارودي، أحد زعماء الثورة العرابية وأشعر الشعراء المتأخرين بالديار المصرية: ولد سنة ١٢٥٥هـ? وتأدب وأدخل المدرسة الحربية ومازال يترقى حتى ولاه المرحوم الخديوي توفيق باشا نظارتي الحربية والأوقاف. ثم ولي رياسة النظار قبيل الثورة العرابية. فلما اضطرمت نيران الثورة أرغمه زعماؤها على اصطلاء نارها فخب فيها ووضع. وحكم عليه بعد انقضائها بالنفي إلى جزيرة (سيلان) حتى عمي، وشفع فيه فأذن له بالقدوم إلى مصر بعد مضي ١٧ سنة من منفاه، وبقي في منزله كفيفاً يشتغل بالأدب إلى أن مات سنة ١٣٢٢هـ?. ومن قوله:
والدهر كالبحر لاينفكّ ذا كدر ... وإنما صفوه بين الورى لمعُ
لو كان للمرء فكر في عواقبه ... ما شأن أخلاقه حرص ولا طمع