للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتمنعُ أن يمسهمُ لسانٌ ... مخافة من يحير ولا يجار

وكنت أعدّ قربي منك ربحاً ... إذا ما عدّت الرّبحَ التّجار

فلا تبعد فكلَّ سوف يلقى ... شعوباً يستدير بها المدار

يعيش المرء عند بني أبيه ... ويوشك أن يصير بحيث صاروا

أرى طول الحياة وقد تولّى ... كما قد يسلب الشيء المعار

كأنّي إذ نعى النّاعي كليباً ... تطاير بين جنبيّ الشّرار

فدرت وقد غشى بصري عليه ... كما دارت بشاربها العقار

سألتُ الحيّ أين دفنتموه ... فقالوا لي بأقصى الحيّ دار

فسرت إليه من بلدي حثيثاً ... وطار النّوم وامتنع القرار

وحادثْ ناقتي عن ظلّ قبرٍ ... ثوى فيهِ المكارم والفخار

لدى أوطان أروع لم يشنهُ ... ولم يحدثْ له في الناس عار

أتغدو يا كليب معي إذا ما ... جبان القوم أنجاه الفرار

أتغدو يا كليب معي إذا ما ... حلوق القوم يشحذها الشَّفار

أقول لتغلب والعز فيها ... أثيرها لذلكم انتصار

تتابعَ أخوتي ومضّوا لأمر ... عليه تتابع القوم الحسار

خذِ العهد الأكيد عليّ عمري ... بتركي كلّ ما حوت الدّيار

ولستُ بخالعٍ درعي وسيفي ... إلى أن يخلع الليلَ النهارُ

وقال صفي الدين الحلي يرثي غريقاً

أصفحُ ماء أم أديمُ سماءُ ... فيهِ تغور كواكب الجوزاءِ

ما كنت أعلم قبل موتك موقناً ... أن البدورَ غروبها في الماءِ

ولقد عجبت وقد هويتَ بلجّة ... فجرى على رسلٍ بغير حياءِ

لو لم يشقَّ لك العباب وطالما ... أشبهتَ موسى باليد البيضاء

أنفَ العلاء عليك من لمس الثّرى ... وحلول باطن حفرة ظلماءِ

وأجلّ جسمك أن بغيّر لطفه ... عفن الثّرى وتكاثف الأرجاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>