للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله:

إذا كنتَ في كلّ الأمور معاتباً ... صديقك لم تلقَ الذي لا تعاتبهْ

فعش واحداً أو صلْ أخاك فإنه ... مقارفُ ذنب مرَّةً ومجانبهْ

إذا أنت لم تشربْ مراراً على القذى ... ظمئتَ وأي الناس تصفو مشاربه

وقوله:

خليليَّ إن المالَ ليس بنافع ... إذا لم ينلْ منه أخٌ وصديقُ

وكنتُ إذا ضاقت عليَّ محلة ... تيمّمت أخرى ما عليَّ مضيقُ

وما خاب بين الله والناس عاملٌ ... له في التقى أو في المحامد سوق

وما ضاق فضلُ الله عن متعفِّف ... ولكنَّ أخلاقَ الرجال تضيق

[(٢) أبو نواس]

هو أبو علي الحسن بن هانئ، الشاعر المتفنن الجاد الماجن، صاحب الصيت الطائر، والشعر السائر، ورأس المحدثين بعد بشار، وهو فارسي الأصل.

ولد بقرية من كورة خوذستان سنة ١٤٦ هـ? ونشأ يتيماً فقدمت به أمه البصرة بعد سنتين من مولده فتعلم العربية ورغب في الأدب فلم تعبأ أمه بحاله وأسلمته إلى عطار بالبصرة، فمكث عنده لا يفتر عن معاناة الشعر إلى أن صادفه عند العطار "والبة بن الحباب" الشاعر الماجن الكوفي في إحدى قدماته إلى البصرة فأعجب كل منهما بالآخر، فأخرجه والبة معه إلى الكوفة فبقي معه ومع ندمائه من خلعاء الكوفة، وتخرج عليهم في الشعر وفاقهم جميعاً، وبلغ خبره الرشيد فأذن له في مدحه فمدحه بقصائد طنانة، ثم انقطع إلى مدح محمد الأمين وثبت عنده بعض ما يوجب تعزيره فسجنه ولم يلبث بعد خروجه من السجن أن مات ببغداد سنة ١٩٨ هـ?.

وكان أبو نواس جميل الصورة فكه المحضر، كثير الدعابة، حاضر البديهة، متيناً في اللغة والشعر والأدب.

<<  <  ج: ص:  >  >>