وكادوا يهمون به فأشار عليه بالهجرة متن أشبيلية فاختار البحر إلى عدوة المغرب ومدح ولاته من قبل المعز الفاطمي، ثم نمي خبره إلى المعز فوجه في طلبه فوفد عليه بأفريقية ومدحه فاصطفاه واتخذ شاعر دولته.
ولما فتح جوهر مصر وبنى القاهرة ورحل إليها المعز ليتخذها دار ملكه شيعه ابن هانئ، ورجع لأخذ عياله والالتحاق به، فتجهز وتبعه، فلما وصل إلى برقة مات بها سنة ٣٦٢ هـ?، وعمره ٣٦ سنة.
شعره: لم ينبغ في شعراء جزيرة الأندلس ولا بر المغرب جميعهما من يفوق ابن هانئ في صناعة الشعر أو يساويه فقد كان عندهم في الشهرة والإجادة وشرف الشعر بمنزلة المتنبي عند المشارقة ويسميه كثير من الأدباء بمتنبي المغرب.
ومن قوله في وصف الخيل:
وصواهلٍ لا الهضبُ يوم مغارها ... هضبٌ ولا البيدُ الحزون حزون
عرفتْ بساعة سبقها لا أنها ... علقتْ بها يومَ الرّهان عيون
وأجلُّ علم البرق فيها أنها ... مرّت بجانحتيهِ وهي ظنون
ومن قوله الموهم الكفر في مطلع قصيدة يمدح بها المعز:
ما شئتَ لا ما شاءتِ الأقدارُ ... فاحكم فأنت الواحدُ القهّار
[(١١) أبو العلاء المعري]
هو أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المعري التنوخي الشاعر الفيلسوف المتفنن: وهو عربي النسب منى قبيلة تنوخ من بطون قضاعة من بيت علم وقضاء.
ولد بمعرة النعمان سنة ٣٦٣ هـ? وجدر في الثالثة من عمره فكف بصره وتعلم على أبيه وغيره من أئمة زمانه، وكان يحفظ كل ما يسمعه من مرة: وقال الشعر وعمره إحدى عشرة سنة، ودخل بغداد، وأقبل عليه السيد المرتضى إقبالاً عظيماً ثم جفاه. ولما رجع إلى المعرة أقام ولم يبرح منزلة، ونسك وسمى نفسه رهن المحبسين: محبس العمى ومحبس المنزل وبقي فيه مكباً على التدريس والتأليف ونظم الشعر مقتنعاً بعشرات من الدنانير في العام يستغلها من عقار له، مجتنباً أكل الحيوان وما