للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو الحسن التهامي يرثي صغيراً له

ويفتخر بفضله ويشكو زمانه وحاسديه

حكمُ المنية في البرية جار ... ما هذه الدّنيا بدار قرار

بينما يرى الإنسان فيها مخبرا ... حتى يري خبراً من الأخبار

طبعت على كدر وأنت تريدها ... صفواً من الأقذار والأكذار

ومكلّف الأيامِ ضد طباعها ... متطلّب في الماء جذوة نار

وإذا رجوت المستحيلَ فإنما ... تبني الرّجاءَ على شفير هار

فالعيش نومٌ والمنية يقظةٌ ... والمرء بينهما خيالٌ سار

فاقضوا مآربكم عجالا إنما ... أعماركم سفرٌ من الأسفار

وتركضوا حيل الشَّباب وبادروا ... أم نسترد فإنهنّ عوار

فالدَّهر يخدع بالمنى ويغصّ إن ... هنّا ويهدمُ ما بنى ببوّار

ليس الزمان وغن حرصت مسالماً ... خلقُ الزّمان عداوة الأحرار

إني وترتُ بصارمٍ ذي رونقٍ ... أعددتهُ لطلابةِ الأوتار

والنّفس إن رضيت بذلك أو أوبتْ ... منقادةٌ بأزمّةِ المقدار

أثنى عليه بأثرهِ ولو أنهُ ... لم يغتبطْ اثنيتُ بالآثار

يا كوكباً ما كانَ أقصرَ عمرهُ ... وكذّاك عمرُ كواكب الأسحار

وهلال أيام مضى لم يستدر ... بدراً ولم يمهل لوقتِ سرار

عجلَ الخسوفُ عليه قبل أوانه ... فحماهُ قبل مظنّةِ الإبدار

واستلّ من أترابهِ ولدتهِ=كالمقلةِ استلت من الأشفار

فكأنّ قلبي قبره وكأنهُ ... في طيّهِ سرٌّ من الأسرار

أن يعتبط صغراً فربَّ مقمّم ... يبدو ضئيل الشخص للنظّار

إن الكواكب في علوّ محلّها ... لترى صغاراً وهي غير صغار

<<  <  ج: ص:  >  >>