للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الفقير إذا تكلم صادقاً ... قالوا كذبت وأبطلوا ما قالا

إن الدراهم في المواطن كلّها ... تكسو الرجال مهابة وجمالا

فهي اللسان لمن أراد فصاحةً ... وهي السلاح لمن أراد قتالا

[الباب الثامن والعشرون في السياحة والغربة]

وإذا البلاد تغيّرت عن حالها ... فدع المقام وبادر التحويلا

ليس المقام عليك فرضاً واجباً ... في بلدة تدع العزيز ذليلا

تنقّل فلذّات الهوى في التنقل ... ورد كل صافٍ ولا تقف عند منهل

ففي الأرض أحبابٌ وفيها مناهل ... فلا تبك من ذكرى حبيب ومنزل

تغرّب عن الأوطان في طلب العلا ... وسافر ففي الأسفار خمس فوائد

تفرّج همٍّ واكتساب معيشةٍ ... وعلم وآداب وصحبة ماجد

وإن قيل في الأسفار ذلٌ ومحنة ... وقطع الفيافي واكتساب الشدائد

فموت الفتى خير له من حياته ... بدار هوانٍ بين واشٍ وحاسد

ارحل بنفسك من أرض تضام بها ... ولا تكن لفراق الأهل في حرق

من ذل بين أهاليه ببلدته ... فالاغتراب له من أحسن الخلق

الكحل نوع من الأحجار منطرحاً ... في أرضه كالثرى ير أي على الطرق

لما تغرّب نال العزّ أجمعه ... وصار يحتمل بين الجفن والحدق

[وقال الإمام الشافعي]

ما في المقام الذي عقل وذي أدب ... من راحة فدع الأوطان واغترب

سافر تجد عوضاً عمّن تصاحبه ... وانصب فإن لذيذ العيش في النّصب

إني رأيت وقوف المال يفسده ... إن سال طاب وإن لم يجر لم يطب

الأسدُ لولا فراق الغاب ما قنصت ... والسهم لولا فراق القوس لم يصب

والشمس لو وقفت في الفلك دائمةً ... لملّها الناس من عجم ومن عرب

والبدر لولا أفول منه ما نظرت ... إليه في كل حين عينٌ مرتقب

والتبر كالتُّرب ملقى في أماكنه ... والعود في أرضه نوعٌ من الحطب

<<  <  ج: ص:  >  >>