إنّ الحوادث تخترِمنَ وإنما ... عمر الفتى في أهله مستودع
يسعى ويجمعُ جاهداً مستهتراً ... جدَّا وليس بآكل ما يجمع
[وقال قيس بن الخطيم المتوفي سنة ٦١٢ م من قصيدة]
وما بعض الإقامة في ديار ... يهان بها الفتى إلا بلاءُ
وبعضُ خلائق الأقوام داءُ ... كداء البطن ليس له دواءُ
يريدُ المرءُ أن يعطي مناهُ ... ويأبى الله إلا ما يشاءُ
وكل شديدة نزلت بقوم ... سيأتي بعد شدّتها رخاءُ
ولا يعطى الحريص غنى لحرص ... وقد يمنى على الجود الثَّراء
غنيُّ النفس ما عمرتْ غنيٌّ ... وفقرُ النّفس ما عمرتْ شقاءُ
وليس بنافع ذا البخل مالٌ ... ولا مزر بصاحبه السّخاء
وبعض الدواء ملتمسٌ شفاءً ... وداءُ النوك ليس له إناء
وبعض القول ليس له غناجٌ ... كمحضِ الماءِ ليس له إناء
ولم أرى كامرئٍ يدنو لخسفٍ ... له في الأرض سيرٌ واستواء
يصوغ لك اللسان على هواهُ ... ويفضحُ أكثر القيل البلاء
ألا من مبلغ الشعراءِ عني ... فلا ظلم لديّ ولا ابتداء
ولستُ بغائظِِ الأكفاء ظلماً ... وعندي للملمّاتِ اجتراء
[وقال صالح بن عيد القدوس المتوفى سنة ٨٥٥ هـ]
المرء يجمعُ والزّمان يفرقُ ... ويظل يرقع والخطوب تمزّقُ
لأن يعادي عاقلاً خيٌر له ... من أن يكون له صديقٌ أحمق
فاربأ بنفسك أن تصادق أحمقاً ... إن الصّديق على الصّديق مصدق
وزن الكلام إذا نطقت فإنما ... يبدي عقول ذي العقول المنطق
ومن الرّجال إذا استوت أخلاقهم ... من يستشار إذا استشيَر فيطرق
حتى يحلَّ بكل وادٍ قلبه ... فيرى ويعرف ما يقول فينطق
لا ألفينّك ثاوياً في غربةٍ ... إن الغريب بكل سهم يرشق
ما النّاس إلا عاملان فعامل ... قد مات من عطش وآخر يغرق
والناس في طلب المعاش وإنما ... بالجدّ يرزق منهم من يرزق