تلك المصيبة أنستْ ما تقدّمها ... وما لها من طوال الدَّهر نسيان
يا راكبينَ عتاقَ الخيل ضامرة ... كأنّما في مجال السّبق عقبان
وحاملين سيوفَ الهند مرهفةٌ ... كأنها في ظلام النقع نيران
وراتعين وراءَ البحر في دعةٍ ... لهم بأوطانهم عزٌّ وسلطان
أعندكم نبأٌ من أهل أندلس ... فقد سرى بحديث القوم ركبان
كم يستغيث بنا المستضعفون وهم ... قتلى وأسرى فما يهتزّ إنسان
ماذا التّقاطع في الإسلام بينكم ... وأنتم يا عباد الله إخوان
ألا نفوسٌ أبيَّات لها هممٌ ... أما على الخير أنصار وأعوان
يا من لذلّة قومٍ بعد عزوّهم ... أحال حالهم جورٌ وطغيان
بالأمس كانوا ملوكاً في منزلهم ... واليومَ هم في بلاد الكفر عبدانُ
فلو تراهم حيارى لا دليل لهم ... عليهم ف ثياب الذُّلّ ألوان
ولو رأيت بكاهم عند بيعهمُ ... لهالكَ الأمرُ واستهوتك أحزان
يا ربَّ أمّ وطفل حيل بينهما ... كما تفرقُ أرواح وأبدان
وطفلةٍ مثل حسن الشمس إذ طلعت ... كأنما هي ياقوت ومرجان
يقودها العلج للمكروه مكرهة ... والعين باكية والقلب حيران
لمثل هذا يذوب القلب من كمد ... إن كان في القلب إسلام وإيمان
وقال أبو الطيب المتنبي يرثي أبا شجاع فاتكاً
الحزن يقلقُ والتجمُّل يردع ... والدَّمعُ بينهما عصىَّ طيع
يتنازعان دموع عين مسهَّد ... هذا يجيء بها وهذا يرجع
النَّوم بعد أبي شجاع نافر ... والليلُ معي والكواكب طلّع
إني لأجبن من فراق أحبَّني ... وتحسُّ نفسي بالحمام فأشجعُ
ويزيدني غضبُ الأعادي قسوةً ... ويلمّ بي عتب الصديق فأجزع
تصفو الحياةُ لجاهل أو غافل ... عمّا مضى منها وما يتوقع
ولمن يغالطُ في الحقائق نفسه ... ويسومها طلب المحال فتطمع
أين الذي الهرمان من بنيانه ... ما قومهُ ما يومهُ ما المصرع
تتخلفُ الآثار عن أصحابها ... حيناً ويدركها الفناءُ فتتبع