أين الملوك ذووا التُّيجان من يمن ... وأين منهم أكاليلٌ وتيجان
وأين ما شاده شدّاد في إرمٍ ... وأين ما ساسه في الفرس ساسان
وأين ما حازه قارونُ من ذهب ... وأين عادٌ وشدَّاد وقحطان
أتى على الكلّ أمرٌ لا مردَّ له ... حتى قضوا فكأن القومَ ما كانوا
وصار ما كان من ملكٍ ومن ملكٍ ... كما حكى عن خيال الطيف وسنانُ
دارَ الزمانُ على دارا وقاتله ... وأمّ كسرى فما آواه إيوان
كإنما الصَّعب لم يسهل له سببٌ ... يوماً ولا ملك لدُّنيا سليمان
فجائعُ الدَّهر أنواعٌ منوَّعة ... وللزّمان مسرَّات وأحزان
وللحوادث سلونٌ يسلهلها ... وما لما حلَّ بالإسلام سلون
دهى الجزيرة أمرٌ لا عزاءَ له ... هوى له أحدٌ وانهدّ ثهلان
أصابها العين في الإسلام فارتزأت ... حتى خلت منه أقطار وبلدان
فاسأل بلنسيةً ما شأنُ مرسيةٍ ... وأين شاطبةٌ أم أين جيّان
وأين قرطبةٌ دارُ العلوم فكم ... من عالمٍ قد سما فيها له شان
وأين حمصٌ وما تحويه من نزه ... ونهرها العذب فياض وملآن
قواعد كنّ أركان البلاد فما ... عسى البقاءُ إذا لم تبقَ أركان
تبكي الحنيفيّة البيضاء من أسف ... كما بكى لفراق الإلف هيمان
على ديار من الإسلام خالية ... قد أقفرتْ ولها بالكفر عمران
حيث المساجد قد صارت كنائس ما ... فيهنَّ إلاَّ نواقيسٌ وصلبان
حتى المحاريب تبكي وهي جامدة ... حتى المنابر ترثي وهي عيدان
يا غافلاً وله في الدّهر موعظة ... إن كنت في سنّة فالدّهرُ يقظان
وماشياً مرحاً يلهيه موطنهُ ... أبعدَ حمصٍ تغزُّ المرء أوطان