بلدة كأنها صورة الخلد منقوشة في عرض الأرض، بلدة كأن محاسن الدنيا مجموعة فيها ومحصورة في بواحيها، بلدة ترابها عنبر وحصباؤها عقيق، وهواؤها نسيم وماؤها رحيق، بلدة معشوقة السكنى ورحبة المثوى كوكبها يقظان وجوها عريان، يومها غداة وليلها سحر، بلدة واسعة الرقعة طيبة البقعة، واسعة البلاد وسرتها ووجهها وغرتها.
["وصف القلاع"]
قلعة حلقت بالجو تناجي لسماء بأسرارها، قالعة تتوشح بالغيوم، وتجتلي بالنجوم، قلعة متناهية في الحصانة ممتنعة عن الطلب والطالب منصوبة على أضيق المسالك وأوعر المناصب، لم تزدها الأيام إلا نبؤ أعطاف واستصعاب جوانب وأطراف، قد مل الملوك حصارها ففارقوها عن طماح منها وشماس وسئمت الجيوش ظلها فغادرتها بعد قنوط ويأس، فهي حمى لا يراع ومعقل لا يستطاع، كأن الأيام صالحتها على الإعفاء من الحوادث والليالي عاهدتها على التسليم من القوارع.
["وصف الدور"]
دار قرار توسع العين قرة والنفس مسرة، كأن بانيها استسلف الجنة فجعلت له، دار تخجل منها الدور وتتقاصر عنها القصور، دار قد اقترن اليمن بينماها واليسر بيسراها الجسوم منها في حضر والعون على سفر، دار دار بالسعد نجمها وفاز بالحسن سهمها يخدمها الدهر ويأويها البدر ويكنفها النصر، هي مرتع النواظر ومتنفس الخواطر، أخذت أدوات الجنان وضحكت من العبقري الحسان.