أما ما نسب من الشعر إلى آدم وإبليس والملائكة والجن والعرب البائدة فهو حديث خرافة.
والشعر الذي صحت روايته منذ أواسط القرن الثاني قبل الهجرة تنتهي أقدم مطولاته إلى مهلهل بن ربيعة وأقدم مقطعاته إلى نفر لعلهم لم يبعدوا عنه طويلاً مثل العنبر بن عمرو بن تميم ودريد بن زيد بن نهد، وأعصر بن سعد بن قيس عيلان وزهير بن جناب الكلبي والأفوه الأودي وأبو داود الإيادي وقد رووا أنه لم يكن لأوائل العرب من الشعر إلا الأبيات يقولها الرجل في حاجته وأن أول من قصد القصائد وذكر الوقائع المهلهل بن ربيعة التغلبي في قتل أخيه كليب فهو أول من رويت له كلمة تبلغ ثلاثين بيتاً وتبعه الشعراء مثل امرئ القيس وعلقمة وعبيد ممن أخرجوا لنا الشعر العربي في صورته الحاضرة.
هذا مجمل ما يتعلق بحقيقة الشعر ونشأته في الجاهلية أما ما يتعلق بمادته وجوهره فإنه يرجع إلى أغراضه وفنون ومعانيه وأخيلته وألفاظه وأساليبه وأوزانه وقوافيه.
[(١) أغراضه وفنونه]
نظم العرب الشعر في كل ما أدركته حواسهم وخطر على فقلوبهم من فنونه وأغراضه الكثيرة كالنسيب ويسمى التشبيب والتغزل ى وطريقته عند الجاهلية يكون بذكر النساء ومحاسنهن وشرح أحوالهن وكان له عندهم المقام الأول من بين أغراض الشعر حتى لو انضم إليه غرض آخر قدم النسيب عليه وافتتح به القصيد: لما فيه من لهم النفس وارتياح الخاطر ولأن باعثه الفذ هو الحب وهو السر في كل اجتماع إنساني والبدو أكثر الناس حباً لفراغهم.
والفخر: هو تمدح المرء بخصال نفسه وقومه والتحدث بحسن بلائهم ومكارمهم وكرم عنصرهم ووفرة قبيلهم ورفعة حسبهم وشهرة شجاعتهم.