وكنت تجيرنا من صرف دهر ... فعاد مطالبا لك بالثّرات
وصيَّرَ دهرك الإحسانَ فيهش ... إلينا منْ عظيمِ السيئاتِ
وكنتَ لمعشرِ سعداً فلمّا ... مضيتَ تفرقوا بالمنحساتِ
غليلٌ باطنٌ لك في فؤادي ... يخفّفُ بالدُّموعِ الجارياتِ
ولو أني قدرتُ على قيام ... بفرضك والحقوق الواجبات
ملأت الأرض من نظم القوافي ... ونحتُ بها خلاف النائحاتِ
ولكنّي أصبّرُ عنك نفسي ... مخافةَ أنْ أعدَّ من الجناةِ
ومالك تربةٌ فأقولُ تسقى ... لأنك نصبَ هطل الهاطلات
عليك تحيةُ الرّحمن تترى ... برحماتٍ غوادٍ رائحات
[وقال بهاء الدين زهير المتوفى سنة ٦٥٦ هـ?]
أراكَ هجرتني هجراً طويلاً ... وما عوّدتني من قبلُ ذا كا
عهدتك لا تطيق الصَّبر عنّي ... وتعصى في ودادي من نهاكا
فكيفَ تغيَّرتْ تلك السَّحايا ... ومن هذا الذي عنّي ثناكا
فلا والله ما حاولتَ غدراً ... فكلُّ النّاس يغدر ما خلاكا
وما فارقتني طوعاً ولكن ... دهاك في المنية ما دهاكا
فيا من غابَ عنّي وهو روحي ... وكيفَ أطبق من روحي انفكاكا
بعزُّ عليَّ أدير عيني ... أفتشُ في مكانك لا أراكا
ختمتُ على ودادك في ضميري ... وليس يزال مختوماً هناك
فيا أسفي لجسمك كيف يبلى ... ويذهبُ بعدَ بهجته سناك
يا قبرَ الحبيب وددتُ أنّي ... حملت ولو على عيني ثراكا
ولا زال السّلام عليك منّي ... يزفّ على النّسيم إلى ذراكا