أرحام المعابد والهياكل من بقايا الماضين وخبايا الأوائل وما انكشفت عنه سجوف الأحقاب وديعة الأسلاف للأعقاب من مكنون الدفائن ومكنوز الخزائن وعجائب الفن الدقيق وبدائع البدع الأنيق وغرائب الصنع العتيق بليت في أصطحابها بطون الأيام والليالي وانحنت في احتضانها ظهور العصور الخوالي وانقلبت البحار وهادا وأصبحت الوهاد أطواداً وغدت الأغوار أنجاداً وأضحى العمار خراباً والخراب عماراً والغمار سراباً والسراب غماراً وتمدينت بواد وتبدت مدائن وبادت مواطن وقامت مواطن ومضت دول بعد دول وذهبت أول أثر أول وبدت أحوال وحالت وظهرت أعمال وزالت وهي كما تركها مصون وضعها محفوظ شكلها خبر صادق ولسان ناطق تخبر بالعبر وتحدث عمن غبر.
مضتْ غبراتُ العيش وهي غوابر ... على الدّهر مكتوبٌ عليها حبائسُ
["وصف الفوتغراف للمرحوم مصطفى بك نجيب المتوفى سنة ١٣٢٠ هـ?"]
مثال القوة الناطقة من غير إرادة سابقة يقتطف الألفاظ اقتطافاً ويختطف الصوت اختطافاً مطبعة الأصوات ومرآة الكلمات ينقل الكلام من ناحية إلى ناحية نقل كلام عمر رضي الله عنه إلى سارية أشد من الصدى في فعله في إعادة الصوت على أصله كأنه الحروف عن يد الطابع والوتر عن يد الضارب والقصب عن فم القاصب يحفظ الكلام ولا يبيده ومتى استعدته منه يعيده من غير أن يبقى لفظاً في صدره أو يكتم شيئاً من أمره كأنما حفظ الوديعة في نفسه طبيعة فلو تقدم له الوجود في مرتبة الزمن لما احتجنا في الأخبار إلى عنعنة ولا في الدعاوى إلى بينة بل كان يسمعنا كلام السيد