عين رأت وأظهرت من محاسن المناظر ما أعمرت وقربت كل منظور بعيد وتلت (فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَآءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ)[ق: ٢٢] وصفا وقتي بصفاتها فلم أشته شيئاً إلا جمعت بينه وبيني وصح علينا قول القائل (رأيت بعينها ورأت بعيني) ثم سرحت نظري في الأطلال والرسوم حتى نظرت نظرة في النجوم فلم تخف عني شجراً ولا مدراً ولا نجماً ولا قمراً.
يزيدك وجهها حسناً ... إذا ما زدته نظرا
ببهاء يخيل لي أنها صيغت من ضياء فلا عيب غير أني نظرت بها في سماء فضلك الباهر وأفق شرفك الطاهر فلم ينكشف لي بها لجودك آخر: لا زال كرمك بعيداً حده على كل ناظر وباصر وفضل مناهلك غاية تقصدها الأوائل والأواخر.
["وصف سان استفانو باسكندرية"]
كتابي والقلم في البنان يسطر ما يمليه الجنان عن محاسن ذلك المكان المشهور (بسان استفان) هناك ترى البحر كالمرآة تمثلت فيها السماء فكأنما الماء سماء والسماء ماء وتخال الشاطئ مرتعاً للظبيات الآنسات أو سوق جمال تباع فيه القلوب على الغانيات.
هناك الشبيبة واللعب والزهو والطرب وقد اعتل الصبا وصح الصبا: حور وولدان يمرحون بنشاط الشباب ويتهادون بنشوة الدلال والإعجاب فمن "غادات" روائح غاديات قدودهن الرماح الطاعنات ولحاظهن القاتلات المحييات ومن "ولدان" يلعبون بالكرة والصولجان فالكرة قلب المحب المتيم والصولجان الذي يدفعها شوق العاشق المغرم هناك نغمات الأوتار تدعو إلى اغتنام الأوطار تهدي ارتياح إلى الأرواح وتبدل الأفراح من الأتراح.