العصر الثالث عصر الدولة العباسية من ١٣٢ ٦٥٦ هـ "أحوال اللغة العربية وآدابها في ذلك العصر"
كان بنو أمية شديدي التعصب للعرب والعربية، فكان كل شيء في دولتهم عربي الصبغة، وكانت جمهرة العرب منتشرة في كل مكان امتد إليه سلطانها فلما قامت الدولة العباسية بدعوتها، لم تجد لها من العرب أنصاراً وأعواناً مثل من وجدت من الفرس وأمم الأعاجم، فاكتسحت بهم دولة بني أمية وأسست دولة قوية كان أكثر النفوذ فيها للموالي. فاستخدمهم الخلفاء والأمراء في كل شيء من سقاية الماء إلى قيادة الجيوش والوزارة، وابتدأ شأن العرب السياسي يتضاءل من ذلك الحين شيئاً فشيئاً واختلطوا بالأعاجم وكان من المجموع شعب ممتزج لغة وعادة وخلقاً فأثر ذلك في اللغة لفظاً ومعنى، وشعراً ونثراً كتابةً وتأليف ولم يظهر ذلك بالطبع في جميع الممالك بنسبة واحدة بل كان في أواسط آسيا أظهر منه في مصر الشام. أما حال ممالك الغرب والأندلس صدر في هذا العصر فلم يبعد كثيراً عما كان عليه في العصر الماضي ثم سرت إليها عدوى تقليدها للمشارقة في أكثر الأمور.