وليس يظلمهم من راح يضربهم ... بحدّ سيفٍ بهِ منْ قبلهم ضربا
والعفو إلا عن الأكفاءِ مكرمةٌ ... من قال غير الذي قد قلته كذبا
قتلت عمراً وتستبقي يزيدَ لقد ... رأيتَ رأياً يجرُّ الويلَ والحربا
لا تقطعن ذنب الأفعى وترسلها ... إن كنت سهماً فأتبع رأسها الذّنبا
هم جرّدوا السّيف فاجعلهم له جزراً ... وأوقدوا النار فاجعلهم لها حطبا
إن تعفُ عنهم يقول الناس كلهم ... لم يعفُ حلماً ولمن عفوه رهباً
هم أهلّه غسّان ومجدهم ... عالٍ فإن حاولوا ملكا فلا عجبا
وعرّضوا بفداء واصفين لنا ... خيلاً وابلاّ تروقُ العجم والعربا
أيحلبون دماً منّا ونحلبهم ... رسلاً، لقد شرفونا في الورى حلبا
[وقال صفي الدين الحلي يحرض السلطان الملك الصالح]
على الاحتراز من المفعول ومنافرتهم عند إقبالهم ويهنيه بعيد النحر
لا يمتطي المجدَ منْ يركبِ الخطرا ... ولا ينال العلاَ من قدّم الحذرا
ومن أراد العلاَ عفواً بلاَ تعبٍ ... قضى ولم يقض من إدراكها وطرا
لا بدّ للشَّهد من نحل يمنّعهُ ... لا يجتني النّفع من لم يحملِ الضّررا
لا يبلغ السؤال إلا بعد مؤلمةٍ ... ولا يتمُّ المنى إلاّ لمن صبرا
وأحزم الناس منْ لو مات من ظماءٍ ... لا يقربُ الوردَ حتى يعرف الصدرا
وأغزرُ الناس عقلاً من إذا نظرت ... عيناه أمراً غداً بالغير معتبراً
فقد يقال عثارُ الرّجل إن عثرت ... ولا يقال عثار الرّأي إن عثرا
من دبّر العيش بالآراء دام له ... صفواً وجاء إليه الخطبُ معتذراً
يهونُ بالرّأي ما يجري القضاء به ... من أخطأ الرّأي لا يستذنبُ القدرا
من فاته العزّ بالأقلام أدركه ... بالبيض يقدح من أطرافها الشّررا
بكلّ أبيضَ قد أجرى الفرندَ به ... ماء الردى فلو استقطرتهُ قطرا
خاض العجاجة عرياناً فما انقشعت ... حتى أتى بدم الأبطال مؤتزرا
لا يحسنُ الحلمُ إلا في مواطنه ... ولا يليق الوفا إلاّ لمن شكرا
ولا ينال العلى إلاّ فتى شرفتْ ... خلالهُ فأطاع الدّهرُ ما أمرا