يتساءلون بأيّ قلب ترتقي ... بعد المنابر أم بأيّ لسان
فلو أن أوطاناً تصوّر هيكلا ... دفنوكَ بين جوانح الأوطان
أو كان يحملُ في الجوارح ميّت ... حملوكَ في الأسماع والأجفان
أو صيغ من غرر الفضائل والعلى ... كفنَ لبست أحاسن الأكفان
أو كان للذّكر الحكيم بقيّة ... لم تأت بعدُ رثيتَ في القرآن
يا صبَّ مصر ويا شهيد غرامها ... هذا ثرى مصرِ فنم بأمان
اخلع على مصرٍ شبابك عالياً ... والبس شباب الحور والولدان
فلعلَّ مصراً من شبابك ترتدي ... مجداً تتيه به على البلدان
فلو أن بالهرمين من عزماته ... بعض المضاء تحرّك الهرمان
علّمتَ شبّان المدائن والقرى ... كيف الحياة تكون في الشبّان
مصر الأسيفةُ ريفها وصعيدها ... قبرٌ أبرُّ على عظامك حاني
أقسمت أنّك في التّراب طهارة ... ملك يهابُ سؤاله الملكان
[وقال ابن هانئ الأندلس يرثي إبراهيم بن جعفر بن علي]
وهبَ الدّهر نفيساً فاستردْ ... ربّما جادَ بخيلٌ فحسد
خاب من يرجو زماناً دائماً ... تعرف الباساءُ منه والنَّكد
فلقد أذكر منْ كان سها ... ولقد نبّه منْ كان رقد
قلْ لمنْ شاءَ يقل ما شاءه ... إنّ خصمي في حياتي لألد
منتضٍ نصلاً إذا شاء مضى ... رائشٌ سهماً إذا شاء قصدْ
ماتَ منْ لو عاش سرباله ... غلبَ النّور عليه فاتقد
إنما كان شهاباً ثاقباً ... صعق الّليل له ثم خمد
لا رجاءٌ في خلود كلّنا ... واردُ الماءِ الذي كان ورد