والخلد في الدّنيا وليس بهيّن ... عليا المراتب لم تتح لجبان
فلو أن رسل الله قد جبنوا لما ... ماتوا على دين ولا إيمان
المجد والشرف الرّفيع صحيفةٌ ... جعلت لها الأخلاق كالعنوان
وأحبُّ من طول الحياة بذلّه ... قصرٌ يريك تقاصر الأقران
دقات قلب المرء قائلة له ... إن الحياة دقائقٌ وثواني
فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها ... فالذّكر للإنسان عمرٌ ثاني
للمرء في الدّنيا وجمّ شؤونها ... ما شاء من ربح ومن خسران
فهي الفضاء لراغبٍ متطلّع ... وهي المضيق لمؤثر السُّلوان
النّاس غادٍ في الشفاء ورائح ... يشقى له الرّحماء وهو الأشجان
ومنعّم لم يلقَ إلاّ لذّة ... في طيّها شجنٌ من الأشجان
فاصبر على نعم الحياة وبؤسها ... نعمُ الحياة وبؤسها سيّان
يا طاهر الغدوات والرّوحات وال ... خطرات والأسرار والإعلان
هل قامَ قبلك في المدائن فاتحاً ... غازٍ بغير مهنّد وسنان
يدعو إلى العلم الشريف وعنده ... أنّ العلوم دعائم العمران
لفّوك في علم البلاد منكساً ... جزع الهلالُ على فتى الفتيان
ما احمر من خجل ولا من رتبة ... لكنّما يبكي بدمع قاني
يزجون نعشك في السّناء وفي السّنا ... فكأنما في نعشك القمران
وكأنه نعش (الحسين بكربلا) ... يختال بين بكّي وبين حنّان
في ذمّة الله الكريم وبرّه ... ما ضمّ من عرف ومن إحسان
(ومشى جلال الموت وهو حقيقةٌ ... وجلالك المصدوق يلتقيان)
شقتْ لمنظرك الجيوب عقائلٌ ... وبكتك بالدّمع الهتون غواني
والخلق حولك خاشعون كعهدهم ... إذ ينصتون لخطبة وبيان