وقال ابن حمد يس الأندلسي في وصف
ومصفح الأبواب تبراً نظروا ... بالنقش فوق شكوله تنظيراً
وإذا نظرت إلى غرائب شقفه ... أبصرت روضاً في السماء نضيراً
وضعت به صناعها أقلامها ... فأرتك كل طريدة تصويراً
وكأنما الشمس فيه ليقةٌ ... مشقوا بها التزويق والتشجيرا
وكأنما اللازورد فيه نخزم ... بالخط في ورق السماء سطوراً
وقال المرحوم محمود باشا سامي البارودي يصف حرب سكان جزيرة اقريطش "كريد" حين خرجوا عن الطاعة سنة ١٢٨٢هـ? ويتشوق إلى مصر
أخذ الكرى بمعاقد الأجفان ... وهفا السرى بأعنة الفرسان
والليل منشور الذوائب ضارب ... فوق المتالع والربى بجران
لاتستبين العين في ظلمائه ... إلا اشتغال أسنة المران
تسري به مابين لجة فتنةٍ ... تسمو غواربها على الطوفان
في كل مربأة وكل ثنية ... تهدار سامرة وعزف قيان
نستن عادية ويصهل أجرد ... وتصيح أجراس ويهتف عان
قومٌ أبى الشيطان إلا خسرهم ... فتسللوا من طاعة السلطان
ملؤا الفضاء فما يبين لناظر ... غير التماع البيض والخرصان
فالبدر أكدر والسماء مريضة ... والبحر أشكل والرماح دوان
والخيل واقفة على أرسانها ... لطراد يوم كريهة ورهان
وضعوا السلاح إلى الصباح وأقبلوا ... يتكلمون بألسن النيران
حتى إذا ماالصبح أسفر وارتمت ... عيناي بين ربى وبين مجان
فإذا الجبال أسنة وإذا الوها ... داعنة والماء أحمر قان
فتوجست فرط الركاب ولم تكن ... لتهاب فامتنعت على الأرسان
فزعت فرجعت الحنين وإنما ... تحنانها شجن من الأشجان
ذكرت م وىاردها بمصر وأين من ماء بمصر منازل الرمان ...
والنفس لاهية وإن هي صادفت ... خلفاً بأول صاحب ومكان
فسقي السماك محلة ومقامة ... في مصر كل مرنة مرنان
حتى تعود الأرض بعد ذبولها ... شتى النماء كثيرة الألوان
بلدٌ خلعت بها عذار شبيبي ... وطرحت في يمنى الغرام عناني
فصعيدها أحوى النبات وسرحها ... ألمى الظلال وزهرها متداني
فارقتها لما هو كائن ... والمرء طوع تقلب الأزمان
حمل الزمان على مالم أجنه ... إن الأماثل عرضة الحدثان
نقموا علي وقد فتكت شجاعتي ... إن الشجاعة حلية الفتيان
فليهنأ الدهر النغيور برحلتي ... عن مصر ولتهدأ صروف زماني
فلئن رجعت وسوف أرجع واثقاً ... بالله أعلمت الزمان مكاني
صادقت بعض القوم حتى خانني ... وحفظت منه مغيبه فرماني
زعم النصيحة بعد أن بلغت به ... غشا وجازى الحق بالبهتان
فليجر بعد كما أراد بنفسه ... إن الشقي مطية الشيطان
وكذا اللئيم إذا أصاب كرامة ... عادى الصديق ومال بالأخوان
كل امرئ يجري على أعرافه ... والطبع ليس يحول في الغنسان
فعلام يلتمس العدو مساءتي ... من بعد ماعرف الخلائق شأني
أنا لاأدل وإنما يزع الفتى ... فقد الرجاء وقلة النإخوان
فليعلمن أخو الجهالة قصره ... عني وإن سبقت به قدمان
فلربما رجح الخسيس من الحصى ... بالدر عند تراجح الميزان
شرف خصصت به وأخطأ حاسدي ... مسعاته فهذي به وقلاني
وقال السيد عبد الله النديم المتوفى سنة ١٣١٤هـ? يصف قطاراً بخارياً
نظر الحكيم صفاته فتحيرا ... شكلاً كطود بالبخار مسيرا
دوما يحن إلى ديار أصوله ... بحديد قلب باللهيب تسعرا
ويظل يبكي والدموع تزيده ... وجداً فيجري في الفضاء تستراً