للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قولك لولاي ما عاش إنسان ولا بقي على الأرض حيوان فجوابه "لو شاء الله تعالى لعاش العالم بلا هواء كما عاش عالم الماء في الماء" وأنشدك الله أما رأيت ما حباني الله به من عظيم المنة حيث جعلني نهراً من أنهار الجنة أنا أرفع الأحداث وأطهر الأخباث وأجلو النظر وأزيل الوضر أما رأيت الناس إذا غبت عنهم يتضرعون إلى الله بالصوم والصلاة والصدقة والدعاء ويسألونه تعالى إرسالي من قبل السماء واعلم أنني ما نلت هذا المقام الذي ارتفعت به على أبناء جنسي إلا بانحطاطي الذي عيرتني به وتواضعي وهضم نفسي.

وكثر بينهما النزاع والجدال حتى حكم بينهما أمير وقال: إن كلاً منكما محق فيما أشبهكما في السماء بالفرقدين وفي الأرض بالعينين إلا أن مرآة الحق أرتني فضيلة تفضل بها أيها الماء أخاك الهواء وحققت لي بأنكما لستما في الفضل سواء وهي (أن الله تعالى خلق آدم من الماء) فاعترف لأخيك بالفضل والذكاء.

["وكتب المقدسي المتوفى سنة ٨٧٥هـ مناظرة بين الجمل والحصان"]

قال "الجمل" أن أحمل الأثقال وأقطع بها المراحل الطوال وأكابد الكلال وأصبر على مر النكال ولا يعتريني من ذلك ملال وأصول صولة الإدلال بل أنقاد للطفل الصغير ولو شئت استصعبت على الأمير الكبير فأنا الذلول وللأثقال حمول لست بالخائن ولا الغلول ولا الصائل عند الوصول أقطع في الوحول ما يعجز عنه الفحول وأصابر الظلماء في الهواجر ولا أحول فإذا قضيت حق صاحبي وبلغت مآربي القيت حبلي على غاربي وذهبت في البوادي اكتسب من الحلال زادي فإن سمعت صوت حادي سلمت إليه قيادي وواصلت فيه سهادي وطلقت طيب رقادي ومددت إليه عنقي لبلوغ مرادي فأنا إن ضللت فالدليل هادي وإن زللت أخذ بيدي من إليه انقيادي وإن ظمئت فذكر الحبيب زادي

<<  <  ج: ص:  >  >>